أي : لأنه، أو بأنه.
٢٢٥
الإشارة : ويطوف على قلوبهم علومٌ وهبية، وحِكَمٌ غيبية، تزهو على اليواقيت المكنونة. وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون : كيف سلكوا طريق الوصول، وكيف كانت مجاهدة كل واحد ومسيره إلى الله، إما تحدُّثاً بالنعم، أو : للاقتداء بهم، وفي الحِكَم :" عبارتهم إما لفيضان وَجدٍ أو : لهداية مريد ". إنَّا كنا قبلُ الوصول في أهلنا، أي : في عالم الإنسانية مشفقين من الانقطاع والرجوع، خائفين من سَموم صفات البهيمية والشيطانية، والشهوات الدنيوية، فإنها تهب بسموم قهر الحق، قهر بها جُلّ عباده فانقطعوا عنه، فمنَّ الله علينا، ووصلنا بما منه إلينا، لا بما منا إليه، ووقانا عذاب السموم، وهو الحرص والجزع، والانقطاع عن الحبيب، ولولا فضله ما تخلّصنا منه، إنّا كنا من قبل الوصول ندعوه أن يأخذ بأيدينا، ويجذبنا إلى حضرته، ويرحمنا بالوصول، ويبرّ بنا، إنه هو البر بمزيده، الرحيم بمَن يُنيب إليه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٢٥
يقول الحق جلّ جلاله :﴿فذكِّرْ﴾ أي : فاثبت على ما أنت عليه من تذكير الناس وموعظتهم، ﴿فما أنت بنعمتِ ربك﴾ أي : بحمده وإنعامه عليك بالنبوة ورجاحة العقل ﴿بكاهنٍ ولا مجنونٍ﴾ كما زعموا، قاتلهم الله أنَّى يؤفكون، ﴿أم يقولون شاعرٌ نتربصُ به رَيْبَ المَنونِ﴾ أي : حوادث الدهر، أي : ننتظر به نوائب الزمان حتى يهلك كما هلك الشعراء من قبله، زهير والنابغة. و " أم " في هذه الآي منقطعة بمعنى " بل ". ﴿قل تربصوا فإِني معكم من المتربصين﴾ أتربّص هلاككم، كما تتربصون هلاكي. وفيه عِدة كريمة بإهلاكهم، وقد جرب أنّ مَن تربص موت أحد لِينال رئاسته، أو ما عنده، لا يموت إلا قبله.
﴿أم تأمرهم أحلامُهم﴾ أي : عقولهم ﴿بهذا﴾ التناقض في المقالات، فإنَّ الكاهن يكون ذا فطنة ودقة نظر في الأمور، والمجنون مُغطى عقله، مختل فكره، والشاعر يقول
٢٢٦


الصفحة التالية
Icon