جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٣٧
قلت :﴿كم﴾ : خبرية، تفيد التكثير، ومحلها : رفع بالابتداء، والجملة المنفية :
٢٣٩
خبر، وجمع الضمير في ﴿شفاعتهم﴾ لأن النكرة المنفية نعم.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿وكم من ملكٍ في السماوات﴾ أي : كثير من الملائكة ﴿لا تُغني شفاعتُهم﴾ عند الله تعالى ﴿شيئاً﴾ من الإغناء في وقت من الأوقات، ﴿إِلا مِن بعد أن يأذن اللّهُ﴾ لهم في الشفاعة ﴿لمَن يشاء﴾ أن يشفعوا له، ﴿ويرضَى﴾ ويراه أهلاً للشفاعة من أهل التوحيد والإيمان، وأما مَنْ عداهم من أهل الكفر والطغيان فيهم عن إذن الله بمعزلٍ، وعن الشفاعة بألف معزلٍ، فإذا كان حال الملائكة في باب الشفاعة كما ذكر، فما ظنهم بحال الأصنام ؟ !
ثم شنَّع عليهم في اعتقادهم الفاسد في الملائكة، فقال :﴿إِنَّ الذين لا يؤمنون بالآخرة﴾ وما فيها من العقاب على ما يتعاطونه من الكفر والمعاصي ﴿ليُسمُّون الملائكةَ﴾ المنزّهين عن سمات النقص ﴿تسميةَ الأنثى﴾ فإن قولهم : الملائكة بنات الله، قول منهم بأن كُلاً منهم بنته - سبحانه، وهي التسمية بالأنثى، وفي تعليقها بعدم الإيمان بالآخرة إشعار بأنهم في الشناعة واستتباع العقوبة بحيث لا يجترئ عليها إلا مَن لا يؤمن رأساً.
﴿وما لهم به من علم﴾ أي : بما يقولون. وقرىء " بها " أي " بالتسمية، أو بالملائكة. ﴿إِن يتبعونَ إِلا الظن﴾ وهو تقليد الآباء، ﴿وإن الظن﴾ أي : جنس الظن، ولذلك أظهر في موضع الإضمار، ﴿لا يُغني من الحق شيئاً﴾ من الإغناء ؛ لأن الحق عبارة عن حقيقة الشيء، وهو لا يُدرك إلا بالعلم، والظن لا اعتداد به في باب المعارف الحقيقية، وإنما يُعتد به في العمليات وما يؤدي إليها.