﴿الذين يجتنبون كبائِرَ الإثم﴾ : بدل من الموصول الثاني، أو : رفع على المدح، أي : هم الذين يجتنبون. والتعبير بالمضارع للدلالة على تجدُّد الاجتناب واستمراره. وكبائر الإثم : ما يكبر عقابه من الذنوب، وهو ما رتّب عليه الوعيد بخصوصه. قال ابن عطية : وتحرير القول في الكبائر : إنها كل معصية يُوجد فيها حَدّ في الدنيا، أو توعّد عليها بنار في الآخرة، أو بلَعنةٍ ونحوها. وقرأ الأخوان :(كبير الإثم) على إرادة الجنس، أو الشرك، ﴿و﴾ يجتنبون ﴿الفواحشَ﴾ وهو ما فَحُشَ من الكبائر، كأنه قيل : يجتنبون الكبائر وما فحش منها خصوصاً، فيحتمل أن يريد بالكبائر : ما فيه حق الله وحده، والفواحش منها : ما فيه حق الله وحق عباده، ﴿إِلا اللممَ﴾ أي : إلا ما قَلَّ وصَغُر، فإنه مغفور لمَن يجتنب الكبائر، وقيل : هي النظرة والغمزة والقُبلة، وقيل : الخطرة من الذنب، وقيل : كل ذنب لم يجعل الله فيه حَدّاً ولا عذاباً. والاستثناء منقطع ؛ لأنه ليس من الكبائر ولا من الفواحش.
﴿
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٤٢
إِنَّ ربك واسِعُ المغفرة﴾ حيث يغفر الصغائر باجتناب الكبائر، أو : حيث يغفر ما يشاء من الذنوب من غير توبة، وهذا أحسن، ﴿هو أعلم بكم إِذا أنشأكم﴾ في ضمن إنشاء أبيكم آدم عليه السلام ﴿من الأرض﴾ إنشاءً إجمالياً، حسبما مرّ تحقيقه مراراً، ﴿وإِذا أنتم أَجِنةٌ﴾ أي : يعلم وقت كونكم أجنّة ﴿في بُطون أمهاتكم﴾ على أطوار مختلفة، لا يخفى
٢٤٢
عليه حالٌ مِن أحوالكم، ولا عمل من أعمالكم.