الإشارة : ولله ما في سموات الأرواح من أنوار الشهود، وما في أرض النفوس من آداب العبودية، رتَّب ذلك ليجزي الذين أساؤوا بوقوفهم مع أرض النفوس في العالم المحسوس، ويجزي الذين آمنوا بترقيهم إلى مقام الإحسان، بالحسنى، وهي المعرفة، حيث ترقّوا من أرض الأشباح إلى عالم سماء الأرواح، وهم الذين يجتنبون كبائر الإثم وهو شهود وجودهم مع وجود الحق محبوبهم، ووقوفهم مع عالم الحس، والفواحش، وهو اعتراضهم على الله فيما يبرز من عُنصر قدرته، وتصغيرهم شيئاً مما عظَّم الله، إلا اللمم ؛ خواطر تخطر ولا تثبت.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٤٢
قال القشيري : كبائر الإثم ثلاث : محبة النفس الأمّارة، ومحبة الهوى النافخ في نيران النفس، ومحبة الدنيا، التي هي رأس كل خطيئة، ولكل واحدة من هذه الثلاث
٢٤٣
فاحشة لازمة لها، أما فاحشة محبة النفس : فموافقة الطبيعة ومخالفة الشريعة، وأما فاحشة محبة الهوى : فحُب الدنيا وشهواتها، وأما فاحشة محبة الدنيا فالإعراض عن الله، والإقبال على ما سواه. وقوله ﴿إلا اللمم﴾ أي : الميل اليسير إلى الهوى والنفس والدنيا، بحسب ضرورته البشرية ؛ مِن استراحة البدن، ونيل قليل من حظوظ الدنيا، بحسب الحقوق، لا بحسب الحظوظ، فإنَّ مباشر الحقوق مغفور، ومباشر الحظوظ مغرور. هـ.