﴿أم لم يُنَبَّأُ﴾ يُخْبَر ﴿بما في صُحف موسى﴾ أي : التوراة، ﴿وإِبراهيمَ﴾ أي : وما في صحف إبراهيم ﴿الذي وفَّى﴾ أي : أكمل وأتمّ ما ابتلي به من الكلمات، أو : ما أُمر به، أو بالغ في الوفاء بما عاهد اللّهَ عليه. وعن الحسن : ما أمره الله بشيء إلا وفّى به. وعن عطاء بن السائب : عهد ألاَّ يسأل مخلوقاً، فلما قذف في النار قال له جبريل : ألك حاجة ؟ فقال : أما إليك فلا. وقال الشيخ المرسي : وفَى بمقتضى قوله :﴿حسبي الله﴾
٢٤٤
وعن النبي ﷺ :" وَفَّى عمله كل يوم بأربع ركعات في صدر النهار " وهي صلاة الضحى. وروي :" ألا أخبركم لم سمّى خليلَه " الذي وفَّى " ؛ كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى :﴿فسبحان الله حين تُمسون...﴾ إلى ﴿تُظهرون﴾ وقيل : وفَّى سهام الإسلام، وهي ثلاثون، عشرة في التوبة :﴿التَّآئِبُونَ﴾ [التوبة : ١١٢] الخ، وعشرة في الأحزاب :﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ...﴾ [الأحزاب : ٣٥] وعشرة في المؤمنين :﴿قد أفلح المؤمنون﴾. وقيل : وفي حيث أسلم بدنه للنيران، وولده للقربان، وطعامه للضيفان. ورُوي : أنه كان يوم يضيف ضيفاً، فإن وافقه أكرمه، وإلاَّ نوى الصوم، وتقديم موسى لأنَّ صحفه وهي التوراة أكثر وأشهر.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٤٤
ثم فسّر ما في تلك الصُحف فقال :﴿ألاَّ تَزِرُ وَازرةٌ وِزْرَ أخرى﴾ أي : أنه لا تحمل نفس وازرة وزر نفس أخرى، بل كل نفس تستقل بحمل وزرها، يقال : وزر يزر إذا اكتسب وِزراً، و " أن " مخففة، وكأنّ قائلاً قال : ما في صحف موسى وإبراهيم ؟ فقال : ألاَّ تحمل نفس مثقلة بوزرها وِزرَ نفس أخرى.