الإشارة : اقتربت ساعة الفتح لمَن جَدّ في السير، ولازم صحبةَ أهل القرب، قال القشيري : الساعة ساعتان : كبرى، وهي عامة، وصغرى، وهي خاصة بالنسبة إلى السالك إلى الله، برفع الأوصاف البشرية، وقطع العلائق الطبيعية. قال : وإليه الإشارة بقوله ﷺ :" مَن مات فقد قامت قيامته " راجعة إلى الساعة الصغرى. هـ. أي : مَن مات عن رؤية نفسه ؛ قامت قيامته بلقاء ربه وشهوده. وقوله تعالى :﴿وانشق القمر﴾ أي : قمر الإيمان ؛ فإنه إذا أشرقت عليه شمس العيان، لم يبقَ لنوره أثر، ليس الخبر كالعيان، وإن يَرَوا - أي : أهل الغفلة والحجاب - آيةً تدل على طلوع شمس العيان على العبد المخصوص، يُعرضوا منكرين، ويقولوا :﴿هذا سحر مستمر...﴾ الآية، وكل أمر قدّره الحق - تعالى في الأزل، من أوقات الفتح أو غيره، مستقر، يستقر ويقع في وقته، لا يتقدّم ولا يتأخّر، فلا ينبغي للمريد أن يستعجل الفتح قبل إبانه، فربما عُوقب بحرمانه، ولقد جاءهم من الأخبار عن منكري أهل الخصوصية، وما لحق أهلَ الانتقاد من الهلاك أو الطرد والبُعد ما فيه مزدجر، كما فعل بابن البراء وأمثاله، حكمة من الله بالغة، وسنة
٢٥٣
ماضية، يقول :" من آذى لي وليّاً فقد آذن بالحرب " فما تُغن النُذر إذا سبق الخذلان، فتولّ أيها السالك عنهم، وعن خوضهم، واشتغل بالله عنهم ؛ ﴿فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم﴾ واذكر الموت وما بعده، فإنه حينئذ يظهر عز الأولياء، وذل الأغبياء، يقولون : هذا يوم عسر على مَن طغى وتجبّر.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥١