﴿ولقد تركناها﴾ أي : السفينة، أو : الفعلة، أي : جعلناها ﴿آيةً﴾ يَعتبر بها مَن يقف على خبرها. وعن قتادة : أبقاها الله بأرض الجزيرة، وقيل : على الجُوديَّ، حتى رآها أوائل هذه الأمة. ﴿فهل من مُّدَّكر﴾ من متعظ يتعظ ويعتبر، وأصله : مذتكر، فأبدلت التاء دالاً مهملة، وأدغمت الذال فيها لقرب المخرج، ﴿فكيف كان عذابي ونُذر﴾ ؟ استفهام تعظيم وتعجيب، أي : كان عذابي وإنذاري لهم على هيئة هائلة، لا يُحيط بها الوصف، والنُذر : جمع نذير، معنى الإنذار.
﴿ولقد يسَّرنا القرآنَ للذِكرِ﴾ أي : سهّلناه للادّكار والاتعاظ ؛ بأن شحنَّاه بأنواع المواعظ والعِبر، وصرّفنا فيه من الوعد والوعيد ما فيه شفاء وكفاية. ﴿فهل من مُّدّكِرٍ﴾ ؟ إنكار ونفي للمتعظ على أبلغ وجه، أي : فهل من متعظ يقبل الاتعاظ، وقيل : ولقد سهّلناه للحفظ، وأعنّا مَن أراد حفظه، فهل من طالب لحفظه ليُعان عليه ؟ قال القشيري :﴿ولقد يَسَّرنا القرآنَ للذكر﴾ يسَّر قراءته على ألسنة قوم، وعِلْمَه على قوم، وفهمه على قلوب قوم، وحِفْظه على قلوب قوم، وكلهم أهل القرآن، وكلهم أهل الله وخاصته. ويقال : كاشَفَ الأرواح من قومٍ قبل إدخالها في الأجساد، فهل من مُدكر يذكر العهد الذي جرى لنا معه ؟. هـ.
٢٥٥


الصفحة التالية
Icon