وللقشيري إشارة أخرى، وحاصلها : كذبت ثمود ؛ النفسُ الأمّارة وجنودُها : صالح القلب ؛ حين دعاها إلى الخروج عن عوائدها، والتطهُّر من أوصافها المذمومة، فقالت النفسُ وجنودها : أنتبع واحداً منا، لأنه مخلوق مثلنا، ونحن عُصبة ؟ إنا إذاً لفي ضلال سُعر، أأُلقي الذكر الإلهامي عليه مِن بيننا ؟ بل هذ كذَّاب أشر، سيعلمون غداً، حين يقع لهم الرحيل من عالمهم، مَنِ الكذابُ الأشر، أثمود النفس وجنودها، أم صالح القلب ؟. إنّا مرسل ناقة النفس فتنة لهم، ابتلاءً ؛ ليظهر الخصوص من العموم، فارتقبهم، لعلهم يرجعون إلى أصلهم من النزاهة والطهارة، واصطبر في مجاهدتهم، ونبئهم أنَّ ماء الحياة - وهي الخمرة الأزلية - قسمة بينهم، مَن شَرِبَ منها، صفا، ومَن تنكّب عنها أظلم، كُل شِرْب يحضره مَن يتأهل له. فنادوا صاحبهم - وهو الهوى - فتعاطى ناقة النفس، التي أرادت العروج إلى وطن الروح، فعقرها وردها إلى وطنها الخسيس، فكيف كان عذابي لها وإنذاري إياها ؟ إنَّا أرسلنا عليهم صيحةَ القهر، فسقطوا إلى الحضيض الأسفل، فكانا كهشيم المحتظر ؛ صاروا أرضيين بعد أن كانوا سماويين. هـ. بالمعنى مع تخالف له.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٨
ثم قال القشيري : اعلم أن النفس حقيقة واحدة، غير متعددة، لكن بحسب توارد الصفات المتباينة تعددت أسماؤها، فإذا توجهت إلى الحق توجهاً كليّاً ؛ سميت مطمئنة، وإذا توجهت إلى الطبيعة البشرية توجهاً كليّاً ؛ سميت أمّارة، وإذا توجهت إلى الحق تارة،
٢٥٩
وإلى الطبيعة أخرى ؛ سميت لوّامة. هـ مختصراً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٨


الصفحة التالية
Icon