والنجمُ والشجرُ يسجدان} النجم : النبات الذي ينجم، أي : يطلع من الأرض ولا ساق له، كالبقول، والشجر : الذي له ساق. وقيل :﴿النجم﴾ : نجوم السماء وسجودهما : انقيادهما لما يُراد منهما، شُبّها بالساجدين من المكلّفين في انقيادهما، واتصلت هاتان الجملتان بالرحمن بالوصل المعنويّ، لِما علم أنَّ الحُسبان حسبانه، والسجود له لا لغيره، كأنه قيل : الشمس والقمر بحسبانه والنجم والشجر يسجدان له، ولم يذكر العاطف في الجُمل الأُولِ وجِيء به بعدُ ؛ لأنّ الأُولَ وردت على سبيل التعديد كما تقدّم، ثم ردَّ الكلام إلى منهاجه في وصل ما يجب وصله ؛ للتناسب والتقارب بالعطف وبيان والتناسب : أنَّ الشمس والقمر سماويان، والنجم والشجر أرضيان، فعطف أحد المتقابلين على الآخر، وأيضاً : حُسبان الشمس والقمر نوع من الانقياد لأمر الله، فهو مناسب لسجود النجم والشجر. ثم قال تعالى :﴿والسماءَ رفَعها﴾ أي : خَلَقها مسموكةً مرفوعةً، حيث جعلها منشأ أحكامه، ومسكن ملائكته الذي يهبطون بالوحي على أنبيائه، ونبّه بذلك على كبرياء شأنه، ومُلكه وسلطانه، ﴿وَوَضَعَ الميزانَ﴾ أي : كل ما يُوزن به الأشياء ويعرف مقاديرها، من ميزان، وقَرَسْطون، ومكيال، ومعيار، والقرسطون - بفتحتين : العدلة التي توزن بها الفضة، أي : خَلَقه موضعاً على الأرض من حيث علّق به أحكام العباد على التسوية والتعديل في أخذهم وإعطائهم. وقيل : معنى الميزان، العدل، أي : شرع العدل وأمر به حتى يوفّى كل ذي حق حقه، حتى انتظم أمر العالم واستقام، كما قال ﷺ :" بالعدل قامت السماوات والأرض "، والعدل : ما حكمت به الشريعةُ المحمدية، من كتاب، وسُنة، وإجماع، وقياس. وأمر بذلك ﴿ألاَّ تَطْغَوْا في الميزانِ﴾ أي : لئلا تجوروا في الميزان بعد
٢٦٧