هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان} أي : هل جزاء أهل مقام الإحسان إلاَّ الإحسان والتقريب والتخصيص بهذه العلوم والحقائق، أو : هل جزاء الإحسان معنا إلا الإحسان بكشف ذاتنا، أو : هل جزاء الإحسان إلى عبادي إلاّ الإحسانُ بقربي وولايتي. قال ابن جزي : ويحتمل أن يكون الإحسان هنا هو الذي سأل عنه جبريل عليه السلام " أن تعبد الله كأنك تراه " فجعل جزاء ذلك الإحسان بهاتين الجنتين، ويُقوي ذلك : انه جعل هاتين
٢٨١
الجنتين الموصوفتين هنا لأهل المقام العَلي ؛ وجعل جنتين وجعل جنتين دونهما لمَن كان دون ذلك، فالجنتان المذكورتان أولاً للسابقين، والمذكورتان بعد ذلك لأصحاب اليمين، حسبما ورد في الواقعة. انظر تمامه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٧٨
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ومِن دونهما جنتانِ﴾ أي : ومن دون تَيْنِك الجنتين الموعودتين للمقربين ﴿جنتان﴾ أخريان لِمن دونهم من أصحاب اليمين، ويؤيده حديث أبي موسى، قال في هذه الآية. ﴿ولمن خاف مقام ربه﴾ قال :" جنتان من ذهب للسابقين، وجنتان من وَرِق لأصحاب اليمين " ورَفَعه، ولا شك أنَّ الذهب أرفع من الوَرِق، فلا يلتفت إلى الفضة مَن له الذهب، خلافاً لمن قال : يلزم حرمان أهل الطبقة الأولى - وهم السابقون - ما ذكر في الحديث من الفضة، واختار في نوادر الأصول أنَّ قوله :﴿ومن دونهما﴾ أي : في القُرب إلى العرش، وأنَّ هذه أعلى وَصْفاً مما ذكر قبلُ، إلى العرش، وبَسَطَ القول في ذلك، ومثله ذكره ابن عطية عن ابن عباس، واحتج لذلك، ولكن الأكثرعلى خلاف ذلك، وسيأتي بيانه إن شاء الله.


الصفحة التالية
Icon