يقول الحق جلّ جلاله :﴿ثُلّةٌ﴾ أي : هم ثلة، أي : جماعة كثيرة ﴿من الأولين﴾ والثُلة : الأمة الكثيرة من الناس، ﴿وقليل من الآخِرين﴾ ممن يتأخر من هذه الأمة، والمعنى : أن السابقين في أول الأمة المحمدية كثير، وفي آخرها قليل، وذلك أنَّ صدر هذه الأمة كَثُر فيها خير، وظهرت فيها أنوار وأسرار، وخرج منها جهابذة من العلماء والأولياء، بخلاف آخرها، السابقون فيها قليلون بالنسبة إلى عامة أهل اليمين، ويُؤيد هذا قوله ﷺ :" خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم "، وصرّح في حديث
٢٨٩
آخر أنهم جميعاً من أمته، فقال :" الفرقتان من أمتي "، فسابق أول الأمة ثلة، وسابق سائرها إلى يوم القيامة قليل. هـ. من الثعالبي. وقيل : المراد بالأولين : الأمم الماضية، والآخرين : الأمة المحمدية، وهو بعيد أو فاسدٌ، واقتصر في نوادر الأصول على أنَّ الثلة الأنبياء، وخُتموا بمحمد ﷺ ومِنْ بعده الأولياء، وعددهم قليل في كل زمان. هـ. وفي المَحلِّي هنا تخليط. انظر الحاشية.
﴿على سُرُرٍ﴾ جمع سرير، ﴿موضونةٍ﴾ قال ابن عباس :" مرمولة "، أي : منسوجة بقضبان الذهب، وقضبان اللؤلؤ الرطب، طولُ السرير : ثلاثمائة ذراع، فإذا أراد الجلوس تواضع، فإذا استوى عليه ارتفع، ﴿متكئين عليها﴾ حال من الضمير في الظرف، وهو العامل فيه، أي : استقروا على سُرر متكئين عليها اتكاء الملوك على الأَسِرة، ﴿متقابلين﴾ ينظر بعضهم في وجوه بعض، ولا ينظر بعضهم من أقفاء بعض. وُصفوا بحسن العِشْرة، وتهذيب الأخلاق، وصفاء المودة. وهو أيضاً حال.


الصفحة التالية
Icon