غير توكيدٍ بـ " نحن " للفاصل الذي هو الهمزة، يعنون بذلك : أن بعث آبائهم أبعد في الوقوع من بعثهم. وقرئ في السبع بأو العاطفة.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٩٤
ثم ردّ عليهم بقوله :﴿قل إِنّ الأولين والآخِرين﴾ أي : إنّ الأولين من الأمم المتقدمين، الذين من جملتهم آباؤكم، والآخرين، الذين من جملتهم أنتم. وفي تقديم " الأولين " مبالغة في الرد، حيث كان إنكارهم لبعث آبائهم أشد مع مراعاة الترتيب، ﴿لمجموعون﴾ بالبعث ﴿إِلى ميقاتٍ يومٍ معلوم﴾ أي : إلى ما وقتت به الدنيا باعتبار فنائها من يوم معلوم، وهو يوم البعث والحساب، والإضافة بمعنى " من " كخاتم فضة.
﴿ثم إِنكم أيها الضالون﴾ عن الهدى ﴿المكذِّبون﴾ بالبعث، والخطاب لأهل مكة وأضرابهم، ﴿لآكلون﴾ بعد البعث والجمع ودخول جهنم ﴿مِن شجرٍ مِن زقوم﴾ " مِن " الأولى : لابتداء الغاية، والثانية : لبيان الشجر. ﴿فمالئُون منها البطونَ﴾ أي : بطونكم من شدة الجوع، ﴿فشاربون عليه﴾ عقب ذلك بلا ريث ﴿من الحميم﴾ الماء الحار. أنّث ضمير الشجر على المعنى، وذكَّره على اللفظ في " منها " و " عليه ". ﴿فشاربون شُرْبَ الهِيم﴾ وهي الإبل التي بها الهُيَام، وهو داء يُصيبها فتشرب ولا تروَى، أي : لا يكون شربكم شراباً معتاداً، بل يكون مثل شرب الإبل الهيم، واحدها :" هيماء وأَهْيَم " وحاصل الآية : أنه يُسلط عليهم من الجوع ما يضطرون إلى شرب الحميم، الذي يُقَطِّع أمعاءهم، فيشربونه شرب الهِيم، وإنما صحّ عطف الشاربين على الشاربين، وهما لذوات متّفقة، لأنَّ كونهم شاربين الحميم مع ما هو عليه من تناهي الحرارة، وقطع الأمعاء، أمر عجيب، وشربهم له على ذلك كشرب الهِيم الماء أمر عجيب أيضاً، فكانت صفتين مختلفتين.