يقول الحق جلّ جلاله :﴿أفرأيتم ما تُمْنُون﴾ أي : تقذفونه في الأرحام من النُطف، ﴿أأنتم تخلقونه﴾ تُقدِّرونه وتُصورونه وتجعلونه بشراً سويّاً ﴿أم نحن الخالقون﴾ من غير علة ولا علاج " ؟ قال الطيبي : وجه الاستدلال بهذه الآية على البعث أن يُقال : إنّ المَني إنما يحصل من فضلة الهضم، وهو كالطل المنبث في أطراف الأعضاء، وبهذا تشترك الأعضاء بالتذاذ الوقاع لحصول الانحلال عنها كلها، ثم إنّ الله سبحانه وتعالى يُسلط قوة الشهوة على البنية، حتى إنها تجمع تلك الأجزاء الطلّية، والحاصل أن تلك الأجزاء كانت مفْترقة جدّاً أولاً في أطراف العالم، ثم إنه تعالى جمعها في بدن ذلك الحيوان، فتفرّقت في
٢٩٦
أطراف بدنه، ثم جمعها الله في أوعية المَني، فأخرجها ماءً دافقاً إلى قرار الرحم، فإذا كان قادراً على جمع هذه الأجزاء المتفرقة، وتكوين الحيوان منها، فإذا افترقت بالموت مرة أُخرى ؛ لم يمتنع عليها جمعها وتكوينها مرة أخرى. هـ. وذَكَرَ عند قوله تعالى :﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَرَآئِبِ﴾ [الطارق : ٧] أنَّ المني يتولد من فضلة الهضم الرابع، وينفصل من جميع أجزاء البدن، فيأخذ من كل عضو طبيعته وخاصيته، ومعظمُهُ يتولد من الدماغ، وهو أعظم الأعضاء معنويةً فيه. انظر بقيته في الحاشية.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٩٦


الصفحة التالية
Icon