﴿إِنَّ هذا﴾ أي : الذي ذكر في السورة الكريمة ﴿لهو حقُّ اليقين﴾ أي : الحق الثابت من اليقين، أو : حق الخبر اليقين، ﴿فسبِّح باسم ربك العظيم﴾ الفاء لترتيب التسبيح، أو الأمر به على ما قبلها، فإنّ حقيّة ما فصل في تضاعيف السورة الكريمة مما يوجب تنزيهه تعالى عما لا يليق بشأنه الجليل ؛ من الأمور التي من جملتها الإشراك والتكذيب بآياته الناطقة بالحق.
الإشارة : فأمّا إن كان من المقربين ؛ فرَوْح الوصال، وريحان الجمال، ومِنّة الكمال، أو : فرَوْح الفضاء، وريحان العطاء، وجنة البقاء، أو : فروح الفناء، وريحان البقاء، وجنة الترقي أبداً سرمداً، أو : فرَوْح الأنس لقلبه، وريحان القدس لروحه، وجنة الفردوس لنفسه، ﴿وأمّا إِن كان مِن أصحاب اليمين فسلامٌ لك﴾ أي : فسلام عليك يا محمد ﴿من أًصحاب اليمين﴾ فهم يسلمون عليك، ويشتاقون إلى لقائك، ويرتاحون للقدوم عليك وصحبتك. والحاصل : أنَّ المقرَّب راحته ونعيمه في وصاله بربه، وصاحب اليمين اشتياقه لرسوله، وراحته ونعيمه في حصبته وجواره، فالمُقرَّب فانٍ في ذات الحق، وصاحب اليمين فانٍ في رسوله ﷺ سيد الخلق، فأهل الفناء في الذات هم المقربون، وأهل الفناء في النبي ﷺ هم أصحاب اليمين، فحاصل الآية :﴿فأمّا إِن كان مِن المقربين﴾ فهو لي، وأُجازيه برَوْح وريحان وجنة نعيم، وأما إن كان من أصحاب اليمين فمُسلم لك، وهو من أصحاب اليمين، هذا حاصل ما حرره شيخ شيوخنا الفاسي في حاشيته.
وفي الإحياء ما حاصله : أنَّ المقرَّب له الوصال إلى سعادة الملك، وصاحب اليمين
٣٠٦
له النجاة، وهو سالك، والمقرَّب واصل، والمعرِض عن الله له الجحيم. والخبر عن ذلك كله حق يقين عند العارف بالله ؛ لأنه أدرك ذلك كله مشاهدةً. وفي القوت بعد كلام : وأيضاً للمقربين من كل هولٍ رَوح به لشهادتهم القريب، وفي كل كربٍ ريحان لقرب الحبيب، كما لأهل اليمين من كل ذلك سلامة. هـ.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٠٣
قال النسفي : رُوي أنَّ عثمان بن عفان رضي الله عنه دخل على ابن مسعود رضي الله عنه في مرض موته، فقال : ما تشتكي ؟ فقال : ذنوبي، فقال : ما تشتهي ؟ فقال : رحمة ربي - وفي رواية : ما يقضي ربي - فقال : أفلا تدعوا الطبيب ؟ فقال : الطبيب أمرضني، فقال : ألا نأمر لك بعطاء ؟ فقال : لا حاجة لي فيه، قال : ندفعه إلى بناتك، قال : لا حاجة لهن فيه، قد أمرتهنّ بأن يقرأن سورة الواقعة، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول :" مَن قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تُصبه فاقة أبداً " وليس في هذه السور الثلاث ذكر لفظ " الله " (اقتربت، والرحمن، والواقعة). هـ. وبالله التوفيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلّى الله على سيدنا محمد وصحبه وسلّم.
٣٠٧
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٠٣


الصفحة التالية
Icon