وهو الأولُ} القديم قبل كل شيء، ﴿والآخرُ﴾ الذي يَبقى بعد فناء كل شيء، ﴿والظاهرُ﴾ الذي ظهر بكل شيء، ﴿والباطنُ﴾ الذي اختفى بعد ظهوره في كل شيء، وقد جاء في الحديث :" اللهم أنت الأول، فليس قبلك شيء، وأنت الآخر، فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن، فليس دونك شيء " قال الطيبي : فالمعنيّ بالظاهر على التفسير النبوي : الغالب الذي يَغلب ولا يُغلب، فيتصرف في المكونات على سبيل الغلبة والاستيلاء ؛ إذ ليس فوقه أحدٌ يمنعه، وبالباطن ألاّ ملجأ ولا منجا دونه، يُنجي ملتجئاً له. هـ. وسيأتي في الإشارة تحقيقه إن شاء الله. ﴿وهو بكل شيءٍ عليم﴾ لا يعزب عن علمه شيء من الظاهر والخفيِّ. ﴿هو الذي خلق السماوات والأرضَ في ستة أيام﴾ من أيام الدنيا، ولو أراد أن يخلقها في طرفة عين لفعل، ولكن جعل الست أصلاً ليكون عليها المدار، وتعليماً للتأني، ﴿ثم استوى﴾ أي : استولى ﴿على العرش﴾ حتى صار العرش وما احتوى عليه غيباً في عظمة أسرار ذاته، ﴿يعلم ما يَلِجُ في الأرض﴾ ما يدخل فيها، من البذر، والقطر، والكنوز، والأمطار، ﴿وما يعرجُ فيها﴾ من الملائكة والأموات والأعمال، ﴿وهو معكم أينما كنتم﴾ بالعلم والقدرة والإحاطة الذاتية، وما ادعاه ابنُ عطية من الإجماع أنه بالعلم، فإن كان مراده من أهل الظاهر فمسلّم، وأمّا أهل الباطن فمجمِعون على خلافه، انظر الإشارة.
٣٠٩
﴿والله بما تعملون بصير﴾ فيُجازي كلاًّ بعمله.


الصفحة التالية
Icon