﴿له مُلك السماوات والأرضِ﴾ تكرير للتأكيد، وتمهيد لقوله :﴿وإِلى الله تُرجع الأمورُ﴾ أي : إليه وحده لا إلى غيره استقلالاً واشتراكاً ترجع جميع الأمور، ﴿يُولج الليلَ في النهار﴾ يُدخل الليل في النهار، بأن ينقص من الليل ويزيد في النهار، ﴿ويُولج النهارَ في الليل﴾ بأن ينقص من النهار ويزيد الليل، ﴿وهو عليم بذات الصدور﴾ أي : بمكنونها اللازمة لها من الهواجس والخواطر، بيان لإحاطة علمه تعالى بما يضمرونه من نياتهم وخواطرهم، بعد بيان إحاطته بأعمالهم التي يظهرونها على جوارحهم، أو بحقائق الصدور من صلاحها وفسادها، كَنّى بها عن القلوب. والله تعالى أعلم.
الإشارة : التسبيح مأخوذ من السبْح، وهو العوم، فأفكار العارفين تعوم في قلزوم بحر الذات وتيار الصفات، وترجع إلى ساحل البر لتقوم بوظائف العبودية والعبادات، وقد سبَح في بحر الذات وغرق فيه أهلُ السموات والأرض، شعروا أم لم يشعروا، بل كل الكائنات غريقة في بحر الذات، ممحوة بأحديتها. قال القشيري : تنزيهاً لله تعالى من حيث الاسم الجامع لجميع الأسماء والصفات الجلالية والجمالية ما في السموات الذات من الأسماء الذاتية، المتجلية في المظاهر الكلية، وما في أرض الصفات من الأسماء الصفاتية، المتجلية في المظاهر الجزئية. اعلم أن فَلَك الذات سماء الصفات، وفلك الصفات أرض الذات، وكذلك فلك الصفات سماء الأسماء، وفلك الأسماء أرض الصفات، وهذه السموات والأرضون كلها مظاهر اسم الله الأعظم، وهو المسبَّح - بالفتح - في مقام التفصيل، والمسبِّح - بالكسر - في مقام الجمع، كما ذكرنا. هـ.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٠٨


الصفحة التالية
Icon