قال تعالى :﴿وكثيرُ منهم فاسقون﴾ خارجون عن دينهم، رافضون لما في الكتابين، أي : وقليل منهم مؤمنون، فنهى الله تعالى المؤمنين أن يكونوا مثلهم. وقال ابن عطية : الإشارة بقوله :﴿أوتوا الكتاب﴾ إلى بني إسرائيل المعاصرين لموسى عليه السلام، ولذلك قال :﴿من قبل﴾، وإنما شبّه أهل عصر نبي بأهل عصر نبي، وقوله :﴿فطال عليهم الأمدُ﴾ قيل : أمد الحياة، وقيل : أمد انتظار القيامة. هـ. وقال مقاتل :﴿الأمد﴾ هنا : الأمل، أي : لما طالت آمالهم لا جرم قست قلوبهم. هـ. قيل : إن الصحابة ملُّوا ملالة، فقالوا : حدِّثنا، فنزل :﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ [يوسف : ٣]، وبعد مدة قالوا : لو ذَكَّرتَنا، فنزلت هذه السورة.
وهذه الآية ﴿اعلموا أنَّ الله يُحيي الأرضَ بعد موتها﴾ قيل : هذا تمثيل لأثر الذكر في القلوب، وأنه يُحييها كما يُحيي الغيثُ الأرض، وفيه إرشاد إلى أنَّ طريق زوال القسوة ليس إلاَّ الالتجاء إلى الله، ونفى الحول والقوة ؛ لأنه تعالى القادر وحده على ذلك، كما أنه وحده يُحيي الأرض، ﴿قد بيّنا لكم الآيات﴾ التي من جملتها هذه الآية، ﴿لعلكم تعقلون﴾ كي تعقلوا ما فيها، وتعملوا بموجبها، فتفوزوا بسعادة الدارين. والله تعالى أعلم.