وقد ورد في الصدقات أحاديث، منها : أنها تدفع سبعين باباً من السوء، وتزيد البركة في العمر. رُوي أن شابّاً وشابة دخلا على سليمان عليه السلام فعقد لهما النكاح، وخرجا من عنده مسرورين، وحضر ملك الموت، فقال : لا تعجب من سرورهما، فقد أُمرت أن أقبض روح هذا الشاب بعد خمسة أيام، فجعل سليمانُ يراعي حالَ الشاب، حتى ذهبت ستة أيام، ثم خمسة أشهر، فعجب من ذلك، فدخل عليه ملك الموت، فسأله عن ذلك، فقال : إني أُمرت أن أقبض روحه كما ذكرتُ لك، فلما خرج من عندك لقيه سائل، فدفع له درهماً، فدعا له بالبقاء، فأُمرت بتأخير الأمر عنه ببركة صدقته. هـ. وانظر عند قوله :﴿يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَآءُ﴾ [الرعد : ٣٨]، ومثله قضية الرجل الذي آذى جيرانَه، فدعا موسى عليه السلام عليه، ثم تصدَّق صبيحة اليوم برغيف، فنزل الثعبان، فلقيته الصدقة فسقط ميتاً على حزمة حطبه.
﴿والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصدّيقون﴾ المبالغون في التصديق، أو الصدق، وهو أولى ؛ لأنّ وزن المبالغة لا يساغ من غير الثلاثي في الأكثر إلا نادراً،
٣٢٠
كمسّيك من أمسك. ﴿و﴾ هم أيضاً ﴿الشهداءُ عند ربهم﴾ وظاهره : أن كل مَن آمن بالله ورسله ينال درجة الصدّيقين، الذين درجتهم دون درجة الأنبياء، وفوق درجة الخواص، وأنَّ كل مَن آمن ينال درجة الشهداء، وليس كذلك، فينبغي حمل قوله :﴿آمَنوا﴾ على خصوص إيمان وكماله، وهم الذين لم يشكّوا في الرسل حين أخبَروهم، ولم يتوقفوا ساعة، أي : سبقوا إلى الإيمان، واستشهدوا في سبيل الله. وسيأتي في الإشارة حقيقة الصدّيق. وقيل : كل مَن آمن بالله ورسله مطلق الإيمان فهو صدّيق وشهيد، أي : ملحق بهما، وإن لم يتساووا في النعيم، كقوله :﴿وَمَن يُطِع اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّيِنَ وَالصِّدِّيقِينَ...﴾ [النساء : ٦٩].
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٢٠