الحديث :﴿والله ذو الفضل العظيم﴾ وبذلك يؤتي من شاء ذلك الفضل، الذي لا غاية وراءه.
الإشارة : قد شبّه بعضُ الحكماء الدنيا بسبعة أشياء، شبّهها بالماء المالح، يغرق ولا يروي، ويضر ولا ينفع، وشبهها بظل الغمام، يغر ويخذل، وشببها بالبرق الخاطف في سرعة الذهاب والإضرار، وبسحاب الصيف، يضر ولا ينفع، وبزهر الربيع، يغر بزهرته، ثم يصفر فتراه هَشيماً، بأحلام النائم، يرى السرورَ في منامه، فإذا استيقظ لم يجد في يديه شيئاً إلاّ الحسرة، وبالعسل المشوب بالسم الرعاف، يغر ويقتل. هـ. قال حفيده : فتأملت هذه الحروف سبعين سنة، ثم زِدتُ فيها حرفاً واحداً فشبهتها بالغول التي تهلك مَن أجابها، وتترك مَن أعرض عنها. هـ. وفي كتاب قطب العارفين، لسيدي عبد الرحمن اللجائي، قال : فأول درجة الذاهبين إلى الله تعالى : بغض الدنيا، التي هي ظلمة القلوب، وحجاب لوائح الغيوب، والحاجزة بين المحب والمحبوب، فبقدر رفضها يستعد للسفر، ويصح للقلوب النظر، فإن كانت الدنيا من قلب العبد مرفوضة، حتى لا تعدل عنده جناح بعوضة، فقد وضع قدمه في أول درجة من درجات المريدين، فينظر العبد بعد ذلك ما قدّمت دنياه، ويقبل على أخراه. هـ.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٢٢
وذكر القشيري في إشارة الآية : أنها إشارة إلى أطوار النفس والقلب والروح والسر، فقال بعد كلام : وأيضاً يُشير إلى تعب صِبا النفس الأمّارة بملاعب المخالفات الشرعية، والموافقات الطبيعية، وإلى لهو شاب القلب بالصفات القلبية، مثل الزهد، والورع، والتوكُّل والتقيُّيد بها، وإلى زينة كهل السر بالأحوال السرية، والمنازلات الغيبية، مثل الكشوفات والمشاهدات والمعاينات، وإلى تفاخر شيخ الروح بإنبات التجليات والتنزلات، وإلى تكاثر سر السر بالفناء عن ناسوتيته، والبقاء بلاهوتيته الجامع. هـ. إلاّ أنه قدّم السر على الروح، والمعهود العكس، فانظره.