الإشارة : كل زمان يبعث اللّهُ رُسلاً يدعون إلى الله، وهم الأولياء العارفون، خلفاء الرسل، بالبينات الواضحة على ولايتهم، لمَن سبقت له العناية، وأنزلنا معهم الكتاب، أي : الواردات الإلهية، والميزان، وهو إلهام اصطلاح التربية المناسبة لذلك الزمان، فيزن بها أحوالَ المريدين، ويعطي كل واحد ما يناسبه من الأوراد، والأعمال، والأحوال، ليقوم الناس في أنفسهم بالقسط، من غير إفراط ولا تفريط، وأنزلنا الحديد، إشارة إلى الجذب، الذي في قلوب العارفين، فيه بأس شديد، يذهب العقول، ومنافع للناس، لأنه هو النور الذي يمشي به الوليّ في الناس، إذ بذلك الجذب يجذب قلوبَ المريدين، ومَن لم يكن له ذلك الجذب، فلا يصلح للتربية ؛ لأنه ظاهري محض، ولا بُد لهذا الجذب أن يصحبه سلوك في الظاهر، وإلاَّ فلا يصلح أيضاً للتربية كالمصطلمين. خصّ هذا النور بأوليائه لِيعلم مَن ينصُر دينَه وسنةَ رسوله منهم، بالغيب، أي : مع غيب المشيئة عنهم، فهم يجتهدون في نصر الدين، وينظرون ما يفعل الله، وما سبق به القدر، وأمّا أمر الربوبية فهم في مقام العيان منها، إنَّ الله قوي، يُقوي قلوب المتوجهين، عزيز يُعز من يجتهد في نصر الدين.