فتحريرُ رقبةٍ} أي : فتداركه، أو فعليه، أو فالواجب تحرير رقبة. واشترط مالك والشافعي أن تكون مؤمنة، حملاً للمُطْلَق على المقيد ؛ لأنه قيّدها في القتل بالإيمان، والفاء للسببية، ومِن فوائدها : الدلالة على تكرُّر وجوب التحرير بتكرُّر الظهار. ﴿مِن قبل أن يتماسا﴾ أي : المظاهِر والمظاهَر منها، ومذهب مالك والجمهور : أن المسّ هنا يُراد به الوطء، وما دونه من اللمس والقُبلة، فلا يجوز للمظاهِر أن يفعل شيئاً من ذلك حتى
٣٣٥
يُكفِّر، فإن فعل شيئاً من ذلك تاب ولا يعود. وقال الحسن والثوري : أراد الوطء خاصة، فأباحا ما دونه من قبل الكفارة. ﴿ذلكم﴾ الحُكم ﴿تُوعظون به﴾ لأنَّ الحُكم بالكفارة دليل على ارتكاب الجناية، فيجب أن تتعظوا بهذا الحُكم حتى لا تعودوا إلى الظهار، وتخافوا عقابَ الله عليه، ﴿واللهُ بما تعملون خبيرٌ﴾ مُطَّلِع على ما ظهر مِن أعمالكم، التي مِن جملتها الظاهر.
﴿فمن لم يجد﴾ الرقبة ﴿فصيامُ شهرين﴾ أي : فعليه صيام شهرين ﴿مُتتابعين مِن قبل أن يتماسا﴾ فإنْ أفسده باختياره من أوله باتفاق، وإن أفسده بعذر، كمرض أو نسيان، فقال مالك : يبني على ما كان معه، في رواية عنه، وقال أبو حنيفة : يبتدئ، ورُوي القولان عن الشافعي. ﴿فمَن لا يستطعْ﴾ الصيام ﴿فإِطعام ستين مسكيناً﴾ بمُدّ هشام على مذهب مالك. واختلف في قدره، فقيل : إنه مدان غير ثلث بمُد النبي ﷺ وقيل : إنه مُد وثلث، وقيل : إنه مُدان، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي وابن القصار : يُطعم مُدّاً بمُد النبي ﷺ لكل مسكين، ولا يجزئه إلاّ كمالُ الستين، فإنْ أطعم مسكيناً واحداً ستين يوماً لم يجزه عند مالك والشافعي، خلافاً لأبي حنيفة، وكذلك إن أطعم ثلاثين مرتين، والطعام يكون من غالب قوت البلد.


الصفحة التالية
Icon