يقول الحق جلّ جلاله :﴿ألم تَرَ إِلى الذين نُهوا عن النجوى ثم يعودون لنما نُهوا عنه﴾ نزلت في اليهود والمنافقين، كانوا يتناجون فيما بينهم، ويتغامزون بأعينهم إذا رأوا المؤمنين، يريدون أن يغيظوهم، فنهاهم رسولُ الله ﷺ، فعادوا لمثل فعلهم. والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. والهمزة للتعجيب مِن حالهم، وصيغة المضارع للدلالة على تكرير عودهم وتجدُّده، واستحضار صورته العجيبة. وفي السِّيَر : أنه أمر بإخراجهم من المسجد،
٣٤٠
فأُخرجوا مجرورين، كما في الاكتفاء. ﴿ويتناجون بالإِثم والعُدوان﴾ أي : بما هو إثم في نفسه وعدوان للمؤمنين، ﴿ومعصيتِ الرسول﴾ أي : وتواصٍ بمعصية الرسول. وذكره ﷺ بعنوان الرسالة بين الخطابين المتوجهيْن إليه عليه السّلام لزيادة تشنُّعهم واستعظام معصيتهم، ﴿وإِذا جاؤوا حَيَّوكَ﴾ أي : سلَّموا عليك ﴿بما لم يُحَيِّك به اللهُ﴾ بما لا يُسلم عليك الله تعالى، فكانوا يقولون في تحيتهم : السام عليك يا محمد. والسام : الموت، والله تعالى يقول في سلامه على رسوله :﴿وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل : ٢٩] ﴿وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصفات : ١٨١]. ﴿ويقولون في أنفسِهم﴾ أي : فيما بينهم، أو في ضمائرهم، ﴿لولا يُعذبُنا اللّهُ بما نقول﴾ هلاّ يُعذبنا الله بذلك، فلو كان نبيّاً لعاقبنا بالهلاك، قال تعالى :﴿حَسْبُهم﴾ عذاباً ﴿جهنمُ يصلونها﴾ يدخلونها فيحترقون فيها، ﴿فبئس المصيرُ﴾ المرجع جهنم.


الصفحة التالية
Icon