يقول الحق جلّ جلاله :﴿يا أيها الذينَ آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس﴾ [المجادلة : ١١] أي : توسَعوا فيه، وقيل :" في المجلس " متعلق بقيل، أي : إذا قيل لكم في المجلس تفسّحوا فافسحوا، والمراد : مجلس الرسول ﷺ، وكانوا يتضامُّون فيه تنافساً فيه ﷺ وحرصاً على استماع كلامه. وقرأ عاصم " مجالس " أي : في مجالس الرسول التي تجلسونها. وقيل : المراد : مجالس القتال، وهي مراكز الغزاة، كقوله تعالى :﴿مَقَاعِدَ
٣٤٢
لِلْقِتَالِ﴾
[آل عمران : ١٢١] قيل : كان الرجل يأتي الصف، فيقول : تفَفسَّحوا، فيأبَوا، لحرصهم. والأول أنسب بذكر النجوى أولاً وثانياً. فإن امتثلتم وتفسحتم ﴿يَفْسَحِ اللهُ لكم﴾ في كل ما تريدون التفسُّح فيه، من الرزق، والدار، والصدر، والقبر، والجنة، والعلم، والمعرفة. ﴿وإِذا قيل انشُزُوا﴾ أي : ارتفعوا من مجلسه، وانهضوا للصلاة، أو الجهاد، أو غيرهما من أعمال البر، أو : انشزوا للتوسعة في المجلس على المقبِلين، ﴿فانشُزُوا﴾ أي : فانهضوا ولا تُبطِئوا، وقيل : كانوا يُطيلون الجلوس معه ﷺ وربما جلس قوم حتى يؤمروا بالقيام، فأُمروا بالقيام وعدم التثقيل. وفي مضارع " نشز " لغتان الضم والكسر، والأمر تابع له.


الصفحة التالية
Icon