سورة الدخان
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٠
يقول الحق جلّ جلاله :﴿حم﴾ يا محمد ﴿و﴾ حق ﴿الكتاب المبين﴾ الواضح البيِّن، وجواب القسم :﴿إِنا أَنزلناه﴾ أي : الكتاب الذي هو القرآن ﴿في ليلة مباركةٍ﴾ ليلة القدر، أو ليلة النصف من شعبان، والجمهور على الأول، لقوله :﴿إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر : ١] وقوله :﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ﴾ [البقرة : ١٨٥]، وليلة القدر على المشهور في شهر رمضان، وسيأتي الجمع بينهما. ثم قيل : أنزله جملة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، ثم نزل به جبريل نجوماً، على حسب الوقائع، في ثلاث وعشرين سنة، وقيل : معنى نزوله فيها : ابتداء نزوله.
والمباركة : الكثيرة الخير ؛ لما ينزل فيها من الخير والبركة، والمنافع الدينية والدنيوية، ولو لم يوجد فيها إلا إنزال القرآن لكفى به بركة.
﴿إِنا كنا منذِرينَ﴾ استئناف مبين لما يقتضي الإنزال، كأنه قيل : إنا أنزلناه لأن من شأننا الإنذار والتحذير من العقاب، ﴿فيها يُفرَقُ كلُّ أمرٍ حكيم﴾ استئناف أيضاً مبين لسر تخصيص هذه الليلة بالإنزال، أي : إنما أنزلناه في هذه الليلة المباركة، لأنها فيها يُفرق كل
٤١
أمر حكيم، أي : ذي حكمة بالغة، ومعنى " يُفرق " : يفصل ويكتب كل أمر من أرزاق العباد وآجالهم وجميع أمورهم، من هذه الليلة إلى ليلة القدر المستقبلة، وقيل : الضمير في " فيها " يرجع لليلة النصف، على الخلاف المتقدم.


الصفحة التالية
Icon