أي : لَيْلِي كما شاء المحبوب، فإن لم يزرني طال ليلِي، وإن زارني قَصُر. والحاصل : أن أوقات الجمال والبسط كلها قصيرة، وأوقات الجلال كلها طويلة، وقوله تعالى :﴿فيها يُفرق كل أمر حكيم﴾ أي : في ليلة الوصال تفرق وتبرز الحِكَم والمواهب القدسية، بلا واسطة، بل أمراً من عندنا، والغالب أن هذه الحالة لا تكون إلا عند الحيرة والشدة من الفاقة أو غيرها، وكان بعض العارفين من أشياخنا يستعدُّون فيها لكتب المواهب، ويسمونها ليلة القدر.
وقوله تعالى :﴿إِنّا كنا مرسلين رحمةً من ربك﴾ هو الرسول ﷺ قال :" أنا الرحمة المهداة "، فرحمة مفعول به، ﴿إِنه هو السميع العليم﴾ قال القشيري : السميع لأنين المشتاقين، العليم بحنين المحبين. هـ. ﴿لا إِله إلا هو﴾ أي : لا يستحق أن يَتَأله ويُعشق إلا هو، ﴿يُحيي ويميت﴾ يُحيي قلوب قوم بمعرفته ومحبته، ويُميت قلوباً بالجهل والبُعد، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد. ثم وصف أهل الجهل والبُعد بقوله :﴿بل هم في شك يلعبون﴾ وأما أهل المعرفة والقُرب فهم في حضرة محبوبهم يتنعّمون، ومن روح وصاله يتنسّمون. قال القشيري : واللعب يجري على غير ترتيب، تشبيهاً باللعاب الذي يسيل لا على نظام مخصوص، ووصف الكافر باللعب لتردُّده وشكِّه وتحيُّره في عقيدته. هـ.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤١
يقول الحق جلّ جلاله :﴿فارتقبْ﴾ فنتظر ﴿يوم تأتي السماءُ بدُخان مبين﴾ قال عليّ وابن عباس وابن عمر والحسن رضي الله عنهم : هو دخان يجيء قبل يوم القيامة، يُصيب المؤمن منه مثل الزكام، ويُنضج رؤوسَ المنافقين والكافرين، حتى تكون كأنها مصليَّة حنيذة، وتكون الأرض كلها كبيت أُوقد فيه نار، ليس فيه خِصاص، ويؤيد هذا حديث حذيفة :" أول الآيات الدخان، ونزول عيسى، ونار تخرج من عدن، تسوق الناس إلى الحشر، تقيل معهم إذا قالوا... " الحديث، انظر الثعلبي.


الصفحة التالية
Icon