﴿وإِن لم تؤمنوا لي فاعتزلونِ﴾ أي : وإن كابرتم ولم تُذعنوا لي، فلا مولاة بيني وبين مَن لا يؤمن، فتنحُّوا عني، أو : فخلُّوني كفافاً لا لي ولا عليّ، ولا تتعرضوا لي بشرِّكم وأذاكم، فليس ذلك جزاء مَن دعاكم إلى ما فيه فلا حُكم، قال أبو السعود : وحَمْلُه
٤٧
على قطع الوصلة وعدم الموالاة بينه وبينهم، يأباه المقام.
﴿
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٧
فدعا ربَّه﴾ بعدما تمادوا على تكذيبه، شاكياً إلى ربه :﴿أَنَّ هؤلاء﴾ أي : بأن هؤلاء، ﴿قوم مجرمون﴾ وهو تعريض بالدعاء عليهم، بذكر ما استوجبوه، ولذلك سمي دعاء، وقيل : كان دعاؤه، : اللهم عجِّل لهم ما يستوجبونه بإجرامهم، وقيل : هو قوله :﴿أَنِّى مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ [القمر : ١٠] وقيل : قوله :﴿لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [يونس : ٨٥] وقُرئ بالكسر على إضمار القول. قال تعالى له بعدُ :﴿فأَسْرِ بعبادي ليلاً﴾ والفاء تؤذن بشرط محذوف، أي : إن كان الأمر كما تقول ﴿فأسْرِ بعبادي﴾ بني إسرائيل ﴿ليلاً إِنكُم مُتَّبعون﴾ أي : دبّر الله أن تتقدموا، ويتبعكم فرعون وجنوده، فننجّي المتقدمين، ونغرف الباقين، ﴿واترك البحر رَهْواً﴾ ساكناً على حالته بعدما جاوزته، ولا تضربه بعصاك لينطبق، ولا تُغيره عن حاله ليدخله القبط، أراد موسى عليه السلام لمّا جاوزه أن يضربه بعصا لينطبق، فأمره أن يتركه ساكناً على هيئته، قاراً على حالته، من انتصاب الماء كالطود العظيم، وكون الطريق يبساً لا يُغير منه شيئاً، ليدخله القبط، فإذا دخلوا فيه أطبقه الله عليهم، فالرهو في كلام العرب : السكون، قال الشاعر :
طَيرٌ رَأَتْ بازياً نَضحَ الدُّعاءُ به
وأُمَّةٌ خَرَجَتْ رَهْواً إلى عيدِ
أي : ساكنة، وقيل : الرهو : الفرجة الواسعة، أي : اتركه مفتوحاً على حاله منفرجاً، ﴿إنهم جند مُغْرَقون﴾ بعد خروجكم من البحر. وقرئ بالفتح، أي : لأنهم.