الإشارة : كل زمان له فراعين، يحبسون الناسَ عن طريق الله، وعن خدمته، فيبعث الله إليهم مَن يُذكَّرهم، ويأمرهم بتخلية سبيلهم، أو بأداء الحقوق الواجبة عليهم، فإذا كُذّب الداعي، قال : وإن لم تؤمنوا فاعتزلون، فإذا أيِس من إقبالهم دعا عليهم، فيغرقون في بحر الهوى، ويهلكون في أودية الخواطر. وبالله التوفيق.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٧
يقول الحق جلّ جلاله :﴿كم تركوا من جناتٍ وعُيون﴾ أي : كثيراً ما ترك فرعون وجنوده بمصر من بساتين. رُوي أنها كانت متصلة بضفتي النيل جميعاً، من رشيد إلى أسوان، ﴿وعُيون﴾ يحتمل أن يريد الخلجان، شَبَّهها بالعيون، أو كانت ثَمَّ عيون
٤٨
وانقضت، ﴿وزُروعٍ﴾ أي : مزارع، ﴿ومَقام كريم﴾ محافل مُزينة، ومنازل مُحسَّنة، وسمّاه كريماً ؛ لأنه مجلس الملوك، وقيل : المنابر، ﴿ونَعْمةٍ﴾ أي : بسطة ولذاذة عيش وتنعُّم، ﴿كانوا فيها فاكِهين﴾ أي : متنعّمين فرحين مسرورين.
وفي المشارق : النعمة - بالفتح التنعُّم، وبالكسر : اسم ما أنعم الله به على عباده، قال ابن عطية : النعمة - بالفتح : غضاوة العيش، ولذاذة الحياة، والنعمة - بالكسر : أعم من هذا كله، وقد تكون الأمراض والمصائب نِعماً، ولا يقال فيها نعمة بالفتح. هـ فانظره.