تِلْك الوجوه عَلَيْهَا الدود تقتبلُ
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٨
قد طالَ ما أَكَلوا دهراً وما شَرِبُوا
فَأصبحوا بَعدَ طُولِ الأكْلِ قد أُكلوا
وحاصل الدنيا ما قال الشاعر :
أَلاَ إِنَّما الدنيا كأَحْلامِ نَائِم
وَمَا خَيْر عَيْشٍ لاَ يَكونُ بِدائم ؟ !
تَأمَّلْ إذَا ما نِلْت بالأمْسِ لَذَّةً
فَأفنَيْتها هَلْ أَنْتَ إلا كَحَالِم ؟ !
هذه فكرة اعتبار، وأما فكرة استبصار، فما ثَمَّ إلا تصرفات الحق، ومظاهر أسرار ذاته، وأنوار صفاته، ظهرت في عالم الحكمة بالأشكال والرسوم، وأما في عالم القدرة
٥١
فما ثَمَّ إلا الحي القيوم.
تَجلّى حَبِيبي فِي مرائي جَمَالهِ
فَفِي كلِّ مَرئيٍّ لِلحَبِيبِ طَلاَئِعُ
فلَمَّا تَبَدَّى حُسْنهُ متنوِّعاً
تَسَمَّى بِأَسْمَاءٍ فهن مَطَالِعُ
وقوله تعالى :﴿فما بكت عليهم السماء والأرض﴾ يُفهم منه : أن من عظم قدره تبكي على فقده السموات والأرض ومَن فيهن، في عالم الحس، الذي هو عالم الأشباح وتفرح به أهل السموات السبع في عالم الأرواح ؛ لتخلُّصه إليها، فيستبشر بقدومه كل مَن هنالك، وينظر اللّهُ إلى خلقه بعين الرحمة، فيرتحم ببركة قدومه الوجود بأسره. والله ذو الفضل العظيم.
وقوله تعالى :﴿ولقد اخترناهم على علم﴾ قال القشيري : ويُقال : على علم بمحبة قلوبهم لنا مع كثرة ذنوبهم فينا، ويقال : على علم بما نُودع عندهم من أسرارنا، ونكاشفهم به من حقائق حقنا.
وقال الورتجبي :﴿ولقد اخترناهم على علم﴾ أي : على علم بصفاتنا، ومعرفة بذاتنا، ومشاهدة على أسرارنا، وبيان على معرفة العبودية والربوبية، ودقائق الخطرات والقهريات واللطيفات في زمان المراقبات. هـ.


الصفحة التالية
Icon