قال الطيبي : وقد سبق مراراً : أنه ما خلقهما إلا ليوحَّد ويُعبَد، ثم لا بد أن يجزي المطيع والعاصي، وليست هذه دار الجزاء. وقال ابن عرفة : قوله :﴿إلا بالحق﴾ أي : إلا مصاحبين للدلالة على النشأة الآخرة، وهي حق. هـ. ﴿ولكن أكثرهم لا يعلمون﴾ أنهن خُلقن لذلك، بل عبثاً، تعالى الله عن ذلك.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٢
الإشارة : كانت الجاهلية تُنكر البعث الحسي، والجهلة اليوم ينكرون البعث المعنوي، ويقولون :﴿إن هي إلا موتتنا الأولى﴾ أي : موت قلوبنا وأرواحنا بالجهل والغفلة، فكيف يكون الرجل منهمكاً في المعاصي، يمت القلب، ثم ينقذه الله ويُحييه بمعرفته، حتى يصير وليّاً من أوليائه مَن استغرب أن يُنقذه الله من شهوته، وأن يُخرجه من وجود غفلته، فقد استعجز قدرة الإلهية، وكان الله على كل شيء مقتدراً " أهم خير أم قوم تُبع ؟ وقد أخرج الله من قومه أنصار نبيه ﷺ، وكانوا من خواص أحبابه، حتى قال :" الناس دثار والأنصار شِعار، لو سلك الناسُ وادياً أو شِعباً، وسلكتْ الأنصارُ وادياً، لسلكتُ واديَ الأنصار
٥٤
وشِعبهم " وما خلقنا الأجرام العظام إلا لتدل على كمال قدرتنا، والسلام.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٢
يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِنَّ يوم الفصل﴾ : أي : فصل احق عن الباطل، وتمييز المحق من المبطل، أو فصل الرجل عن أقاربه وأحبابه، وهو يوم القيامة، ﴿ميقاتُهم أجمعين﴾ أي : وقت موعدهم كلهم، ﴿يومَ لا يُغني مَوْلىً عن مَوْلىً شيئاً﴾ لا يغني ناصر عن ناصر، ولا حميم عن حميم، ولا نسب عن نسيب، شيئاً من الإغناء.


الصفحة التالية
Icon