الأكوان معك، فاعرف قدرك أيها الإنسان، وارفع همتك عن الأكوان، وعلِّق قلبك بالملك الديّان، يُعطك الحق تعالى من العرش إلى الفرش، تتصرف فيه بهمتك كيف شئت، وما ذلك على الله بعزيز.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٤
قلت :﴿يغفِروا﴾ قيل : جواب الأمر المذكور، أي : إن تقل يغفروا، وقيل لأمر محذوف، أي : قل لهم اغفروا يغفروا، وقيل : حذف لام الأمر، أي : ليغفروا، وقرأ أبو جعفر :(ليُجزي قوماً) بالبناء للمفعول، ونصب (قوماً) إما على نيابة المصدر، أي : ليجزي الجزاء قوماً، أو ليجزي الخيرُ قوماً، فأضمر الخير ؛ لدلالة الكلام عليه، أو ناب الجار مع وجود المفعول به، وهو قليل.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿قل للذين آمنوا يغفِروا للذين لا يرجون أيامَ الله﴾ أي : يعفوا ويصفحوا عن الذين لا يتوقعون نِقَمه ووقائعه بأعدائه، من قولهم :" أيام العرب " لوقائعها، أو : لا يأمّلون الأوقات التي وقّتها الله تعالى لثواب المؤمنين، ووعدهم بالفوز فيها. قيل : نزلت قبل آية القتال ثم نُسخت، قال ابن عطية : ينبغي أن يقال : إن الأمور العظام، كالقتل والكفر مجاهدة ونحو ذلك، قد نَسخ غفرانَه آيةُ السيف والجزية، وإن الأمور الحقيرة، كالجفاءِ في القول ونحو ذلك، يحتمل أن تبقى مُحكمة، وأن يكون العفو عنها أقرب للتقوى. هـ.


الصفحة التالية
Icon