﴿ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون﴾ أي : لا تتبع آراء الجهلة واعتقاداتهم الزائغة التابعة للشهوات، وهم رؤساء قريش، كانوا يقولون له ﷺ : ارجع إلى دين آبائك. ﴿إنهم لن يُغنوا عنك من الله شيئاً﴾ مما أراد بك إن اتبعتهم، أي : لن ينفعونك بدفع ما ينزل بك بدلاً من الله شيئاً إن اتبعت أهواءهم، ﴿وإِنَّ الظالمين بعضُهم أولياءُ بعضٍ﴾ فلا يُواليهم ولا يتبع أهواءهم إلا مَن كان ظالماً مثلهم، ﴿والله وليّ المتقين﴾ أي : ناصر المتقين،
٦٨
الذين أنت قدوتهم، فدمْ على ما أنت عليه من توليته خاصةً، والإعراض عما سواه بالكلية.
﴿هذا بصائرُ للناس﴾ أي : هذا القرآن واتباع الشريعة بصائر لقلوب الناس، كما جُعل روحاً وحياة لها، فإنَّ مَن تمسك بالكتاب والسنّة، وأمعن فيها النظر، وعمل بمقتضاهما، فُتحت بصيرته، وحيي قلبُه، ﴿وهُدىً﴾ من الضلالة ﴿ورحمةٌ﴾ من العذاب ﴿لقوم يوقون﴾ لمَن كَمُلَ إيمانه وإيقانه بالأمور الغيبية.
الإشارة : الشريعة لها ظاهر وباطن، وهو لُبها وخالصها، فالعامة أخذوا بظاهرها، فأخذوا بكل ما يُبيحه ظاهرالشريعة من الرخص والسهولة، ولا نظر عندهم لقلوبهم من النقص والزيادة، والخاصة أخذوا بباطنها، فأخذوا منها بالمُهم، وتركوا كل ما يَفتنهم أو ينقص من نور إيقانهم، فوصلوا بذلك إلى حضرة ربهم، فيقال للمريد : ثم جعلناك على طريقة واضحة من أمر الخاصة، فاتبعها، ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ما يزيد في قلوبهم وما ينقص. إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً إن أبعدك بميلك إليهم واتباع أغراضهم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٨


الصفحة التالية
Icon