عدة التي لم تحض ؟ فنزلت. وقوله :﴿إِن ارتبتمْ﴾ أي : إن أشكل عليكم حكمهنّ كيف يعتددن، ﴿فعِدَّتهُنَّ ثلاثةُ أشهرٍ﴾ أو : إن ارتبتم في حيضها، هل انقطع أو لم ينقطع، فعِدَّتها بالأشهر، وهي المرتابة التي غابت حيضتُها، وهي في سن مَن يحيض، واختلف فيها، فقيل : ثلاثة أشهر على ظاهر الآية، وقيل : تسعة، وتستبرىء بثلاثة، وهو المشهور في مذهب مالك، وقدوته في ذلك عُمر بن الخطاب، لأنّ مذهبه عُمري، وقيل : تعتد بالأقراء، ولو بلغت ثلاثين سنة، حتى تبلغ سن مَن لا يحيض، وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة. ﴿واللائي لم يَحِضْنَ﴾ من صغر، فعدتهنّ ثلاثة أشهر، حذف لدلالة ما قبله، ﴿وأُولات الأحوالِ أجَلُهُنَّ﴾ أي : عِدّتهن ﴿أن يضعن حَملَهن﴾ سواء كن مطلقات، أو متوفًّى عنهن أزواجهن، عند مالك والشافعي وأبي حنيفة وسائر العلماء. وقال عليّ وابن عباس رضي الله عنهما : إنما هذا في المطلقات الحوامل، وأما المتوقَّى عنهن فعدّتهنَ أقصى الأجلين، إما الوضع، أو انقضاء أربعة أشهر وعشر، وحُجة الجمهور : حديث سُبَيْعة، أنها لما مات زوجها، ووضعت، أَمَرَها رسولُ الله ﷺ بالتزوُّج، وقد رُوي أن ابن عباس رجع إليه، ولو بلغ عليًّا لرجع، فهذه الآية مخصَّصة لِما في سورة البقرة من قوله تعالى :﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ...﴾ [البقرة : ٢٣٤].
تنبيه : وَضْعُ الحمل إنما يُبرىء الرحم إذا كان من نكاح صحيح، وأمّا من الزنى فلا يُبرئ، باتفاقٍ، فمَن حملت مِن زنى وهي متزوجة فلا تحل للهارب الذي حملت منه إذا طُلّقت بوضع حملها منه، بل لا بد من ثلاثة قروء بعد الوضع، نَعَم مَن لا زوج لها من حُرةٍ أو أَمةٍ إذا حملت من زنى تمَّ استبراؤها بوضع حملها.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٧٠