ومَن يتقِ اللهَ} في شأن أحكام العدة ومراعاة حقوقها ﴿يجعل له من أمره يُسراً﴾ أي : يُسهل عليه أمره. ويتحلّل عليه ما تعقّد ببركة التقوى، ﴿ذلك﴾ أي : ما علَّمكم من الأحكام ﴿أمرُ الله أَنزله إِليكم﴾ لتعملوا به. وإفراد الكاف مع أنّ المُشار إليهم جماعة ؛ لأنها لتعيين الفرق بين البُعد والقرب، لا لتعيين خصوصية المخاطبين ﴿ومَن يتق الله﴾ بالمحافظة على أحكامه ﴿يُكفِّر عنه سيئاتِه﴾ فإنَّ الحسنات يُذهبن السيئات، ﴿ويُعْظِمْ له أجراً﴾ بالمضاعفة والتكثير.
الإشارة : والنفوس التي يئسن من المساوىء والميل إلى الدنيا، ثم شككتم في تحقق طهارتها، تنتظر ثلاثة أشهر، فإذا مضت هذه المدة ولم يظهر منها ميل، فالغالب طهارتها، وكذلك النفوس الزكية، الباقية على الفطرة، التي لم يظهر منها خَلل، تنتظر هذه المدة، فإن ظهرت سلامتها فلا مجاهدة عليها، والنفوس الحوامل بكثرة الأشغال عِدَّة تمام فتحها أن تضع كل ما يثقل عليها ويمنعها من السير، ولقد سمعتُ شيخنا البوزيدي رضي الله عنه
٧١
يقول : إن شئتم أن أُقسم لكم ؛ إنه لا يدخل أحد عالَم الملكوت وفي قلبه علقة. هـ. ﴿ومَن يتق الله﴾ أي : يعزم على البر والتقوى يجعل له تعالى من أمره يُسراً، يُسهّل عليه طريق السلوك، ويكفيه كلَّ ما يُثقله ويشغله عنه، إما بإزالة ذلك له، أو بغيبته عن شؤونه، ومَن يتق الله بالفعل يُكَفِّر عنه سيئاتِه، أي : يُغطّي عنه أوصافه الذميمة بأوصافه الحميدة، ويُعظم له أجراً بأن يفتح له باب مشاهدته. والله تعالى أعلم.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٧٠