يقول الحق جّل جلاله :﴿أَسْكِنُوهُنَّ﴾ أي : المطلَقات ﴿من حيثُ سَكَنتم﴾ أي : مكاناً من حيث سكنتم، فـ " من " للتبعيض، أي : بعض مكانِ سكناكم. قال قتادة : لو لم يكن له إلاّ بيت واحد سكنها في بعض جوانبه. ﴿من وُجْدِكُم﴾ أي : وُسْعِكم، أي : ما تطيقونه، فهو عطف بيان، أو بدل. قال أبو حيان : لا يُعرف عطف بيان يعاد فيه العامل، إنما هذا طريقة البدل مع حرف الجر، ولذلك أعربه أبو البقاء بدلاً. هـ. والوجد، يجوز فيه الضم ـ وهو أشهر ـ والفتح والكسر.
قال ابن جزي : فأمّا المطلقات غير المبتوتة فيجب لها على زوجها السُكُنَى والنفقة اتفاقاً، وأمّا المبتوتة ففيها ثلاثة أقوال، أحدها : أنها يجب لها السكنى دون الفقة، وهو مذهب مالك والشافعي، والثاني : أنها يجب لها السكنى والنفقة، وهو مذهب أبي حنيفة، والثالث : أنها ليس لها سُكنى ولا نفقة، وهو قول محمد، وثابت البناني، وأُبي بن كعب. فحُجة مالك : حديث فاطمة بنت قيس، وهو أنَّ زوجها طلَّقها البتَّةَ، فقال لها رسولُ الله ﷺ :" ليس لك عليه نفقة "، فيوخذ منه : أنَّ لها السُكْنى، وحُجة مَن أوجب لها السكنى والنفقة : قول عمر بن الخطاب : لا ندع آيةً من كتاب الله ربنا لقول امرأة، فإني سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول :" لها السُكْنَى والنفقة "، وحجة مَن لم يجعل لها سكنى ولا نفقة : أنَّ في بعض الروايات عنها ـ أي : فاطمة بنت قيس ـ أنها قالت :" لم يجعل لي رسولُ الله ﷺ نفقة ولا سُكْنَى ".
﴿ولا تُضارُّوهُنَّ﴾ في السُّكْنَى ﴿لِتُضيِّقُوا عليهن﴾ ويُلجأن إلى الخروج، ﴿وإِن كن﴾
٧٢