أي : المطلقات ﴿أُولات حملٍ فأَنفِقوا عليهن حتى يضعنَ حَملَهن﴾ فيخرجن من العِدّة. قال ابن جزي : اتفق العلماء على وجوب النفقة في العِدّة للمطلقة، عملاً بالآية، سواء كان الطلاق رجعيًّا أو بائناً. واتفقوا أنَّ للمطلقة غير الحامل النفقة والسُكْنى في العِدّة إذا كان الطلاق رجعيًّا، فإن كان بائناً فاختلفوا في نفقتها حسبما ذكرناه، وأمّا المتوفَّى عنها إذا كانت حاملاً فلا نفقة لها عند مالك والجمهور، لأنهم رأوا أنَّ هذه الآية إنما هي في المطلقات. وقال قوم : لها النفقة في التركة. هـ.
﴿
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٧٢
فإنْ أرضعنَ لكم﴾
هؤلاء المطلقات أولادَكم ﴿فآتوهن أجورَهُنَّ﴾ أي : أجرة الرضاع، وهي النفقة وسائر المؤن المُفصل في كتب الفقه. ﴿وأْتَمِرُوا بينكم بمعروفٍ﴾، خطاب للرجال والنساء، أي : يأمر كلُّ واحد منكم صاحبَه بخيرٍ ؛ من المسامحة والرفق والإحسان، ولا يكن من الأب مماكسة، ومن الأم معاسرة، أو : تشاوروا بينكم على التراضي في الأجرة، ومنه :﴿إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ﴾ [القصص : ٢٠]. ﴿وإِن تعاسَرتمْ﴾ ؛ تضايقتم، فلم ترضَ الأمّ بما ترضع به الأجنبية، ﴿فستُرضِعُ له أخرى﴾ ؛ فستُوجد مرضعةٌ أخرى، غير متعاسرة، وفيه معاتبة للأم على المعاسرة. والمعنى : إن تشططت الأمّ على الأب في أجرة الرضاع، وطلبت منه كثيراً، فللأب أن يسترضع لولده امرأة أخرى بما هو أرفق إلاّ ألاَّ يَقبل الولدُ غيرها، فتُجبر على رضاعة بأجرة المثل.


الصفحة التالية
Icon