يقول الحق جلّ جلاله :﴿وإِذ أَسَرَّ﴾ أي : واذكر أيها السامع حين أَسَرَّ ﴿النبيُّ إِلى بعض أزواجه﴾ يعني حفصة ﴿حديثاً﴾ ؛ حديث تحريم مارية، أو العسل، أو إمامة الشيخين، ﴿فلما نَبَّأَتْ به﴾ أي : أخبرت حفصةُ عائشةَ بالحديث وأفشته، فحذف المفعول، وهو عائشة، ﴿وأظْهَرَه اللهُ عليه﴾ أي : أطلع اللهُ تعالى نبيَّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ على إفشاء حفصة على لسان جبريل عليه السلام، أو : أظهر الله عليه الحديث، من الظهور، ﴿عَرَّفَ بعضَه﴾ أي : عرَّف النبيُّ ﷺ حفصةَ بعض الحديث الذي أفشته، قيل : هو حديث الإمامة، رُوي أنه عليه الصلاة والسلام قال لها :" ألم أقل لك اكتمي عليّ " ؟ قالت :" والذي بعثك بالحق ما ملكتُ نفسي " فرحاً بالكرامة التي خَصَّ اللهُ تعالى بها أباها.
﴿وأَعْرَضَ عن بعضٍ﴾ فلم يُخبرها تكرُّماً. قال سفيان : ما زال التغافل من فعل الكرام، وقال الحسن : ما استقصى كريم قط. وقرأ الكسائي :" عَرَف " بالتخفيف، أي :
٨٢
جازى عليه، من قولك للمسيء : لأعْرِفَنَّ لك ما فعلت، أي : لأجازينَّك عليه، فاجازاها عليه السلام بأن طلَّقها، وآلى من نسائه شهراً، وقعد في مشربة مارية حتى نزلت آية التخيير، وقيل : هَمَّ بطلاقها، فقال له جبريل : لا تُطلِّقها، فإنها صوّامة قوّامة. هـ. قيل : المعرّف : حديث الإمامة، والمعرَض عنه : حديث مارية. ﴿فلما نَبَّأها به﴾ أي : أخبر ﷺ حفصةَ بما عرفه من الحديث، قالت حفصة للنبي عليه السلام :﴿مَن أنبأكَ هذا قال نبأنيَ العليمُ الخبيرُ﴾ الذي لا تخفى عليه خافية.