﴿إِن تتوبا إِلى الله﴾، الخطاب لحفصة وعائشة، على الالتفات للمبالغة في العتاب، ﴿فقد صَغَتْ قُلوبُكما﴾ ؛ مالت عن الواجب في مخالصة رسول الله ﷺ، مِن حُب ما يُحبه، وكراهة ما يكرهه، وكان عليه الصلاة والسلام شقَّ عليه تحريم مارية وكَرِهَه، وهما فرحا بذلك. وجواب الشرط : محذوف، أي : إن تتوبا إلى الله فهو الواجب، فقد زالت قلوبكما عن الحق، أو : تُقبلْ توبتكما، أو هو :" فقد صغت " أي : إن تتوبا زاغب قلوبكما فاستوجبتما التوبة، أو : فقد كان منكما ما يقضي أن يُتاب منه. قال ابن عطية : وهذا الجواب للشرط، وهو متقدم في المعنى، وإنما نزلت جواباً في اللفظ. هـ. وقُرىء " زاغت " من الزيغ.
﴿
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٨٢
وإِن تَظَاهرا عليه﴾ أي : تتعاونا عليه بما يسوؤه، من الإفراط في الغيرة، وإفشاء سرّه، والفرح بتحريم مارية، ﴿فإِنَّ اللهَ هو مولاه﴾ ؛ وليُّه وناصره، وزيادة " هو " إيذان : أنّه يتولّى ذلك بذاته بلا واسطة، ﴿وجبريلُ﴾ أيضاً وليّه، الذي هو رئيس الملائكة المقرّبين، ﴿وصالحُ المؤمنين﴾ أي : ومَن صلح مِن المؤمنين، أي : كل مَن آمن وعمل صالحاً، وقيل : مَن برىء مِن النفاق، وقيل : الصحابة جملة، وقال ابن عباس : أبو بكر وعمر، ورُوي مرفوعاً، وبه قال عكرمة ومقاتل، وهو اللائق ؛ لتوسيطه بين جبريل والملائكة عليهم السلام، فإنه جمع بين التظاهر المعنوي والتظاهر الحسي، فجبريل ظاهَره عليه السلام بالتأييدات الإلهية، وهما وزيراه وظهيراه في أمور الرسالة، وتمشية أحكامها الظاهرة، ولأنَّ تظاهرهما له ﷺ أشد تأثيراً في قلوب ينتيْهما، وتوهيناً في حقهما، فكانا حقيقا بالذكر، بخلاف ما إذا أريد به جنس الصالحين، كما هو المشهور. قاله أبو السعود.