ثم أحال على ما هو مُشاهد من التصرُّف بقوله :﴿الذي خلق الموتَ والحياةَ﴾ أي : موتكم وحياتكم أيها المكلّفون. ومعنى خلق الموت والحياة : إيجاد ما يصحح الإحساس وإعدامه. والموت عند أهل السنة : صفة وجودية مضادة للحياة، وأمّا ما رُوي عن ابن عباس : أنه تعالى خلق الموتَ في صورة كبش أملح، لا يمر بشيء ويجد ريحه إلاّ مات، وخلق الحياة في صورة فرس، لا يَمر والا يجد رائحتها شيء إلاّ حيى " فوارد على منهاج التمثيل والتصوير، ويجوز أن يكون حقيقة، إذ القدرة صالحة. وتقديم الموت لأنه أدعى لأحسن العمل، الذي هو حكمة خلق الموت والحياة، المشار إليه بقوله :﴿ليبلوكم أَيُّكم أحسنُ عملا﴾ أي : خلق موتكم الذي يعمّ الأمير والأسير، والحياة التي لا تبقى لعليل ولا طبيب، ليُعاملكم معالمة مَن يختبركم أيكم أحسن عملاً ؛ فيُجازيكم على مراتب متفاوتة، حسب طبقات علومكم وأعمالكم ؛ فإنَّ العمل غير مختص بالجوارح، ولذلك فسَّره ﷺ بقوله :" أيكم أحسن عقلاً، وأردع عن محارم الله، وأسرع في طاعة الله "، وفي رواية :" أيكم أحسن عقلاً، وأشدكم له خوفاً، وأحسنكم في أمره ونهيه نظراً، ون كانوا أقلّكم تطوُّعاً " وقال ابن عباس وغيره : أيكم أزهد في الدنيا.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٩١


الصفحة التالية
Icon