قال القشيري : كيف تكونوا في الصبر في المحنة، والشكر عند المنّة. وقال النسفي :﴿أيكم أحسن عملاً﴾ : أخلصه وأصوبه، فالخالص : أن يكون لوجه الله، والصواب أن يكون على السُنَّة، والمراد : أنه أعطاكم الحياة التي تقدرون بها على العمل، وسلّط عليكم الموت، الذي هو داعيكم إلى اختيار العمل الحسن على القبيح، فما وراءه إلاّ البعث والجزاء، الذي لا بدّ منه، ولمّا قدّم الموت ـ الذي هو أثر صفة القهر ـ على الحياة ـ التي هي أثر صفة اللطف ـ قدّم صفة القهر على صفة اللطف بقوله :﴿وهو العزيزُ﴾ : الغالب، الذي لا يُعجزه مَن أساء العمل، ﴿الغفور﴾ ؛ الستور، الذي لاييأس منه أهل الإساءة والزلل. هـ.
ثم استشهد على تمام قدرته بقوله :﴿الذي خلق سبعَ سمواتٍ طِباقاً﴾ أي : متطابقة بعضها فوق بعض، من طباق النعلَ : أذا خصفها طبقاً على طبق، وهو مصدر وصف به، أو : ذات طباق، أو : طوبقت طباقاً. وقوله تعالى :﴿ما ترى في خَلْقِ الرحمنِ من تفاوتٍ﴾ صفة أخرى لسبع سموات، وضع فيها " خَلْق الرحمن " موضع الضمير للتعظيم، والإشعار بعلة الحكم، وبأنه تعالى خلقها بقدرته، رحمةً وتفضُّلاٍ، ولأنَّ في إبداعها نعماً جليلة. أو : استئناف. والخطاب للرسول ﷺ، أو لكل أحدٍ يصلح للخطاب، و " مِن " لتأكيد
٩٢
النفي، أي : ما ترى فيه شيئاً من تفاوت، أي : اختلاف وعدم تناسب أو اضطراب. وعن السدي : من عيْبٍ. وحقيقة التفاوت : عدم التناسب، كأنّ بعضاً يفوت بعضاً. وقرأ الأخوان :" تَفَوُّت " كالتعاهد والتعهّد، والبناء لواحد. ﴿فارجع البصرَ﴾ أي : ردَّه إلى السماء، حتى يصحَّ عندك ما أُخْبِرْت به معاينةً، حتى لا يبقى شُبهة. ﴿هل ترى من فطورٍ﴾ ؛ صدروع وشقوق، جمع : فَطَر، وهو الشقّ، يقال : فطره فانفطر.