وقالوا} أيضاً معترفين بتفريطهم :﴿لو كنا نسمعُ﴾ الإنذار سماع طالب الحقّ ﴿أو نعقلُ﴾ شيئاً ﴿ما كنا في أصحاب السعير﴾ في عِددهم، ومن أتباعهم، من الشياطين وغيرهم، وفيه دليل على أنَّ مدار التكليف على أدلة السمع والعقل، وأنهما حجتان. ﴿فاعترَفوا بذنبهم﴾، الذي هو كفرهم وتكذيبهم الرسل في وقت لا ينفعهم، ﴿فسُحقاً لأصحابٍ السعير﴾ أي : أبعدهم من رحمته وكرامته، وهو مصدر مؤكد لعامله، أي : فسُحقوا سحقاً، أو : فأسحقهم الله سحقاً، بحذف الزوائد. وفيه معنى الدعاء.
الإشارة : وللذين كفروا بشهود ربهم في الدنيا عذابُ جهنم، وهو البُعد والحجاب، وبئس المرجع، حين يرجع المقربون إلى مقعد صدق، عند مليك مقتدر، إذا أُلقوا في الحُجبة والقطيعة سمعوا لها شهيقاً غيظاً عليهم، وسخطة بهم، وبصفاتهم المضلة، وهي تفور من قُبح أعمالهم. تكاد تميّز من الغيظ عليهم، كلما أُلقي فيها فوج من أهل الغفلة، قال لهم خزنتها وهم صور أعمالهم وهيئة أخلاقهم الردية : ألم يأتكم نذير ؛ داع يدعوكم إلى الله، من العارفين بالله ؟ فاعترفوا بأنهم أنكروهم وجحدوا خصوصيتهم، فماتوا محجوبين عن الله، والعياذ بالله.
٩٥
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٩٤
يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِنَّ الذين يخشَون ربهم بالغيب﴾ أي : يخافون عذابه غائباً عنهم، أو : عن أعين الناس، أو : بالقلب ؛ لأنّ القلب أمر غيبي، أو : يخشون ربهم ولم يروه معاينة، ﴿لهم مغفرة﴾ لذنوبهم ﴿وأجر كبير﴾ لا يقادر قدره، الجنة وما فيها.