﴿أم أَمِنْتُم مَن في السماء أن يُرسل عليكم حاصباً﴾ ؛ حجارة من السماء كما أرسلها على قوم لوط وأصحاب الفيل، أو : ريحاً فيها حجارة. و " أن " : بدل اشتمال في الموضعين. ﴿فستعلمون﴾ عن قريب ﴿كيف نذيرٍ﴾ أي : إنذاري عن مشاهدتكم للمنذَر به، ولكن لا ينفعكم العلم حينئذٍ.
﴿
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٩٧
ولقد كذَّب الذين مِن قبلهم﴾
؛ من قبل كفار مكة، من كفار الأمم السابقة، كقوم نوح وعاد وأضرابهم، والالتفات إلى الغيبة ؛ لإبراز كمال الإعراض عنهم، ﴿فكيف كان نكير﴾ ؛ إنكاري عليهم، بإنزال العذاب، أي : كان على غاية الهول والفظاعة، وهذا هو مورد التأكيد القسمي لا تكذيبهم فقط، وفيه من المبالغة في تسلية الرسول ﷺ وتشديد التهويل ما لا يخفى. والله تعالى أعلم.
الإشارة : هو الذي جعل لكم أرض البشرية مذلّلة للعبودية، والقيام بآداب الربوبية، فامشوا في مناكبها ؛ فسيحوا بقلوبكم في جوانبها، تفكُّراً واعتباراً لِما فيهم من عجائب الإتقان، وبدائع الحِكم، فقد جمعت أسرار الوجود بأسره، وكُلوا من رزقه مما اكتسبه القلب بالنظر والتفكُّر، من قوة الإيمان، وهو قوت القلوب، وشهود الحق فيها، وهو قوت الأرواح والأسرار، وإليه النُشور ببعث الأرواح من موت الغفلة والجهل، إلى حياة اليقظة والمعرفة، أأمِنتم مَن في السماء أن يخسف بكم الأرض، أي : إذا أسأتم معه الأدب. واعلم أن ذات الحق ـ جلّ جلاله ـ عمّت الوجود، فليست محصورة في مكان ولا زمان، ﴿فأينما تُولوا فَثَمّ وجه الله﴾، فأسرار ذاته ـ تعالى ـ سارية في كل شيء، قائمة بكل شيء، كما تقدّم، فهو موجود في كل شيء، لا يخلو منه شيء، أسرار المعاني قائمة
٩٨


الصفحة التالية
Icon