واذكر ﴿يومَ يُكشَفُ عن ساقٍ﴾، وجمهور المفسرين على أن الكشف عن ساق عبارة عن شدة الأمر، وصعوبة الخطب، أي : يوم يشتد الأمر ويصعب، وقيل : ساق الشيء : أصله الذي به قوامه، كساق الشجرة وساق الإنسان، أي : يوم يُكشف عن أصل الأمر، فتظهر حقائق الأمور وأصولها، بحيث تصير عياناً. وتنكيره للتهويل العظيم. قال النسفي : ولا كشف ثمَّ ولا ساق، ولكن كنّى به عن شدة الأمر ؛ لأنهم إذا ابتلوا بالشدّة كَشفوا عن الساق، وقال : كشفت الحرب عن ساقها، وهذا كما تقول للشحيح : يده مغلولة، ولا يد ثَمَّ ولا غل، وإنما هو كناية عن البخل، وأمّا مَن شبّه فلِضيق عِطفه وقلّة نظره في علم
١١٤
البيان، ولو كان الأمر كما زعم المشبَّه ؛ لكان من حقِّ الساق أن يُعرَّف ؛ لأنها ساق معهودة عنده. هـ. قلت : انظر الثعلبي، فقد نقل أحاديث الحشر، وكلها تدل على أنَّ كشف الساق حقيقة، وذكر حديث أبي موسى أنَّ النبي ﷺ قال :" ﴿يوم يُكشف عن ساق﴾ قال : عن نور عظيم، يخرُّون له سجداً "، ثم ذكر حديث الحشر بتمامه، ومَن كحّل عينيه بإثمد التوحيد الخاص لم يصعب عليه أمثال هذه المتشابهات ؛ إذ الحق جلّ جلاله غير محصور، بل يتجلّى كيف شاء، وقد ورد أنه يتجلّى لفصل عباده، فيجلس على كرسيه، وورد أيضاً في حديث كشف الساق : أنه يتقدّم أمامهم بعد كشف الساق وسجود المؤمنين له، ثم ينطلق بهم إلى الجنة. ذكر الحديث المنذري وغيره، ونقله المحشي الفاسي في سورة البقرة، عند قوله :﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلآ أّن يَأْتِيَهُمُ اللهُ﴾ [البقرة : ٢١٠] الآية، وليس هذا تجسيم ولا حصر ؛ إذا ما في الوجود إلاّ تجليات الحق، ومظاهر ذاته.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١١٣