جزء : ٨ رقم الصفحة : ١١٦
فاصبرْ لحُكم ربك} أي : ما حكم به، وهو إمهالهم وتأخير نصرتك عليهم ؛ لأنهم وإن أُمهلوا لم يُهمَلوا، ﴿ولا تكن كصاحِب الحوت﴾ ؛ يونس عليه السلام في العَجَلة والغضب على القوم حتى ابتلي ببلائه، ﴿إِذ نادَى﴾ في بطن الحوت ﴿وهو مكظوم﴾ مملوء غيظاً. والجملة حال من ضمير " نادى " وعليه يدور النهي، لا على النداءِ ؛ فإنه أمر مستحسن، ولذلك لم يذكر المنادَى، و " إذ " منصوب بمضاف محذوف، أي : لا يكن حالك كحاله وقت ندائه، أي : لا يوجد منك ما وُجد منه من الضجر والمغاضبة فتُبتلى ببلائه، ﴿لولا أن تدارَكه نعمةٌ﴾ ؛ رحمة ﴿من ربه﴾ أي : لولا أنَّ الله أنعم عليه بإجابة دعائه، وقبول عذره، أو : لتوفيقه للتوبة وقبولها منه، ﴿لنُبذ بالعراءِ﴾ ؛ بالأرض الخالية من الأشجار ﴿وهو مذموم﴾ ؛ معاتَب بعجلته، لكنه رُحم، فنُبذ غير مذموم، بل مَرْضِي مقبول. ﴿فاجتباه ربُّه﴾ ؛ اصطفاه لرسالته ببركة دعائه وتسبيحه، فأعاد إليه الوحي، وأرسله إلى مائة ألف أو يزيدون، وقيل : استنبأه، وكان لم يُنبأ قبل هذه الواقعة، ﴿فجعله من الصالحين﴾ ؛ من الكاملين في الصلاح، أو : من الأنبياء والمرسَلين. والوجه هو الأول ؛ لأنه كان نبياً مرسَلاً قبل، لقوله تعالى :﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إلىَ الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾
١١٧
[الصافات : ١٣٩، ١٤٠] الخُ. رُوي أنها نزلت بأُحد، حين هَمّ رسولُ الله ﷺ أن يدعو على المنهزمين من المؤمنين، وهو ضعيف ؛ لأنَّ السورة كلها مكية. والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon