فأمّا ثمودُ فأُهلكوا بالطَّاغية} ؛ بالوقعة المتجاوزة للحدّ في الشدة، وهي الصيحة أو الرجفة، وقيل : هي مصدر كالعاقبة، من المعاقبة، أي : بسبب طغيانهم وعصيانهم، والأول أنسب بقوله :﴿وأمّا عادٌ فأُهلكوا بريحٍ صَرْصَرٍ﴾ أي : شديدة الصوت، لها صرصرة، أو شديدة البرد، تحرق ببردها، من الصِّر، كرّر بردها حتى أحرقهم، ﴿عَاتيةٍ﴾ ؛ شديدة الغضب، كأنها عتت على خُزّانها فلم يضبطوها بإذن الله، غضباً على أعداء الله. قال ﷺ :" ما أرسل الله نسفة من ريح إلاّ بمكيال، ولا قطرة من ماء إلاّ بمكيال، إلاّ يوم عاد ويوم نوح، فإنَّ الماء طغى على الخُزان، وكذلك الريح، طغت على خُزانها " ثم قرأ الآية. أو طغت على عاد فلم يقدروا على ردها. ﴿سَخَّرَها عليهم﴾ أي : سلَّطها عليهم، وهو استئناف جيء به لبيان كيفية إهلاكهم بها، ﴿سَبْعَ ليالٍ وثمانيةَ أيام حُسوماً﴾ أي : متتابعات، جمع حاسم، كشهود وشاهد، تمثيلاً لتتابعها بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكيّ كرة بعد أخرى حتى ينحسم الداء، أو : محسمات، حسمت كل خير واستأصلته، أو قاطعات قطعت دابرهم، وهو حال، ويجوز أن يكون مصدراً، أي : تحسمه حسوماً، أي : تستأصلهم استئصالاْ، ويؤيده قراءة الفتح، وكانت العرب تُسمي هذه الأيام أيام العجوز، من صبيحة الأربعاء إلى غروب الأربعاء الآخر، وإنما سميت بذلك ؛ لأنّ عجوزاً من عاد توارت في سِرب، فانتزعَتها الريحُ في اليوم الثامن، فأهلكتها. وقيل : سميت عجوزاً لأنها في عَجُز الشتاء، أي : آخره. وأسماؤها : الصِنُّ، والصنْبَرِ، والوَبْر، والآمر، والمُؤْتمر والمُعلِّل، ومُطْفىء الجمْر، واليوم الثامن مكفي الظُّعن.