﴿فترى القومَ﴾ إن كنت حاضراً حينئذ ﴿فيها﴾ أي : في تلك الليالي والأيام، أو في مهابَّها، أو في ديارهم ﴿صَرْعَى﴾ ؛ موتى هلكى، جمع صريع، ﴿كأنهم أعجازُ نخلٍ﴾ أي : أصول نخل، جمع نخلة، ﴿خاويةٍ﴾. ساقطة، أو بالية متآكلة الأجواف، وكانت أجسامهم طوالاً، تبلغ مائة ذراعٍ، أو مائتين، ولذلك شُبّهوا بالنخل، ﴿فهل ترى لهم من باقية﴾ أي : بقاء، فيكون مصدراً، كالطاغية، أو مِن نفس باقية. والله تعالى أعلم.
١٢١
الإشارة : الحاقة هي تجلِّي الحقيقة الأحدية، وظهور الخمرة الأزلية، لقلوب العارفين ؛ لأنها تُحق الحق وتُزهق الباطل، تظهر بها حقائق الأشياء على ما هي عليه في الأصل. قال الورتجبي : الحاقة يوم تحق حقائق الأمور عياناً، لا يبقى فيها ريب أهل الظنون، ينكشف الحق لأهل الحق، ولا معارضة للنفس فيها، ويتبين للجاهلين أعلام ولاية العارفين. هـ. ثم عظَّمها وهوَّل أمرها، فقال :﴿ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة﴾ لا يدريها إلاّ الشجعان من الرجال الأقوياء، والكمَّال، كما قال الجيلاني رضي الله عنه :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٢٠
وإيَّاكَ جَزعاً لا يَهُولُكَ أمْرُها
فَمَا نَالَها إلاَّ الشُّجَاعُ المُقَارعُ
ثم ذكر أنَّ مَن أنكرها أو كذّب بوجودها من النفوس العادية، والقلوب القاسية، يهلك في مهاوي الفروقات، برجفة الوساوس والخواطر، أو رياح الفتن الباطنة والظاهرة، سخّرها عليهم سبع ليالٍ على عدد الجوارح السبعة، وثمانية أيام. قال القشيري : أي : أيام كاشفات لسبع صفات الطبيعية، وهي : الغضب، والشهوة، والحقد، والحسد، والبُخل، والجُبن، والعجب، والشره، حُسوماً، أي : تحسم، وتقطع أمور الحق وأحكامه من الخيرات والمبرّات. هـ.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٢٠


الصفحة التالية
Icon