يقول الحق جلّ جلاله :﴿وجاء فرعونُ ومَنْ قبله﴾ أي : ومَن تقدمه. وقرأ البصري والكسائي :( ومَن قِبَلَهُ) بكسر القاف، أي : ومَن عنده من أتباعه وجنوده، ويؤيده أنه قُرىء " ومن معه ". ﴿والمؤتفكاتُ﴾ وهي قُرى قوم لوط ؛ لأنها ائتفَكت، أي : انقلبت بهم، أي : وجاء أهل المؤتفكات ﴿بالخاطئة﴾ ؛ بالخطأ، أو بالفعلة، أو الأفعال الخاطئة، أي : ذات الخطأ، التي من جملتها : تكذيب البعث والقيامة. ﴿فَعَصَوا رسولَ ربهم﴾ أي : عصت كل أمة رسولها، حيث نهوهم عما كانوا يتعاطونه من القبائح، ﴿فأخَذّهم﴾ أي : الله عزّ وجل ﴿أخذةً رابيةً﴾ أي : زائدة في الشدة، كما زادت قبائحهم في القُبح، من : ربا الشيء إذا زاد.
﴿إِنَّا لَمَّا طغى الماءُ﴾ ؛ ارتفع وقت الطوفان، على أعلى جبل في الدنيا، خمسة عشر ذراعاً، بسبب إصرار قوم نوح على فنون المعاصي، ومبالغتهم في تكذيبه عليه السلام وما أوحي إليه من الأحكام، التي من جملتها أحوال الحاقة، ﴿حملناكم﴾ أي : في أصلاب آبائكم، محمولين ﴿في الجارية﴾ ؛ في سفينة نوح عليه السلام، والمراد : حملهم فيها أيام الطوفان، فالجار متعلق بمحذوف حال، لا صلة لحملنا، أي : رفعناكم فوق الماء، حال كونكم محمولين في السفينة بأمرنا وحفظنا. وفيه تنبيه على أنَّ مدار
١٢٢
حفظهم محض عصمته تعالى، وإنما السفينة سبب صوري.


الصفحة التالية
Icon