ورفعت عن أماكنها، بمجرد القدرة الإلهية، أو بتوسُّط الزلزلة، أو الريح العاصفة، ﴿فدُكَّتا دَكَّةً واحدةً﴾ أي : دقّتا وكسرتا، أي : ضُرب بعضها ببعض حتى تندق وترجع كثيباً مهيلاً وهباءً منثوراً، ﴿فيومئذٍ﴾، فحينئذ ﴿وقعت الواقعةُ﴾ أي : قامت القيامة بعدها، ﴿وانشقتِ السماءُ﴾ أي : فُتحت أبواباً لنزول الملائكة، ﴿فهي﴾ أي : السماء ﴿يومئذٍ واهيةٌ﴾ ؛ ضعيفة مسترخية، كالصوف أو القطن، بعدها كانت مُحْكَمة، ﴿والمَلَكُ﴾ أي : جنس المَلك، وهو بمعنى الجمع، فهو أعمّ من الملائكة، ﴿على أرجائها﴾ ؛ جوانبها، جمع رَجاً، مقصور، أي : تنشق السماءِ، التي هي مسكنهم، فيلتجئون إلى أكنافها وأطرافها، ﴿ويحملُ عرشَ ربك فوقهم﴾ أي : فوق الملَك الذين هم على الأرجاء، ﴿يومئذٍ ثمانيةٌ﴾ من الملائكة، واليوم تحمله أربعة، وزيدت أربعة أخرى يوم القيامة إمداداً لتلك الأربعة.
رُوي عن رسول الله ﷺ أنه قال :" هم اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة قوّاهم الله تعالى بأربعة أخرى "، وقال ابن عباس : هي ثمانية صفوف من الملائكة، لا يعلم أحدٌ عِدتهم. وقال ابن زيدٍ : هم ثمانية أملاك، على هيئة الوعول. الوَعِلَ : تيسُ الجبل، وقيل : على هيئة الناس، أرجلهم تحت الأرض السابعة، وكواهلهم فوق السماء السابعة، والعرش فوق رؤوسهم، وهم مطرقون. وفي بعض الأخبار : أنَّ الأربعة التي تحمل العرش اليوم ؛ أحدهم على صورة الإنسان، يطلب الرزق للأرض، والآخر على صورة الثور، يطلب الرزق للبهائم، والآخر على صورة النسر، يطلب الرزق للطيور، والآخر على صورة الأسد، يطلب الرزق للوحوش، وقيل : المراد بالآية : تمثيل لعظمة الله تعالى بما يُشاهَد من أحوال السلاطين، يوم خروجهم على الناس للقضاء العام، لكونها أقصى ما يتصور من العظمة والجلال، وإلاّ فشؤونه تعالى أجلَّ من كل ما يُحيط به فلك العبارة والإشارة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٢٣