وفيه لغات، أجودهن المطابقة تقول : هاء يا رجل، وهاءِ يا امرأة، بهمزة مكسورة من غير ياء، وهاؤما يا رجلان وامرأتان، وهاؤم يا رجال وهاؤنّ يا نساء. ﴿اقرؤوا كتابيَهْ﴾، والأصل : هاؤم كتابي اقرأوا كتابيهْ، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، والعامل في " كتابيه " اقرأوا، عند البصريين ؛ لأنهم يُعملون الأقرب، والهاء في " كتابيه "، و " حسابيه "، و " ماليه "، و " سلطانيه " للسكت، وحقها أن تثبت في الوقف، وتسقط في الوصل، وقد استُحبّ إيثار الوقف إيثاراً لثباتها ؛ لثبوتها في المصحف. ﴿إِني ظننتُ أني ملاقٍ حسابيهْ﴾ أي : علمت وتيقنت أني سألقى حسابي، ولعل التعبير بالظن للإشعار بأنه لا يقدح في الاعتقاد ما يهجس في النفس من الخطرات التي لا تنفك عنها العلوم النظرية. قاله أبو السعود، وقد تقدّم سره في البقرة.
﴿فهو في عيشةٍ راضيةٍ﴾ أي : ذات رضا يرضى بها صاحبها. جعل الفعل لها مجازاً، وهو لصاحبها ؛ لكونها صافية من الشوائب، دائمة، مقرونة بالتعظيم، ﴿في جنةٍ عاليةٍ﴾ ؛ مرتفعة المكان ؛ لأنها في السماء السابعة، أو : رفيعة الدرجات، أو المباني والأشجار والقصور، وهو خبر بعد خبر، ﴿قُطوفها دانيةُ﴾ ؛ ثمارها قريبة من مريدها، ينالها القاعد والمضطجع كالقائم. قال ابن عرفة : هذه الجملة احتراس ؛ لأنه تعالى وصفها بالعلو، وشأن المكان العالي أن تكون ثماره كذلك، فأزال ذلك بأنها مع علو ثمارها قريبة التناول، سهلة المأخذ. هـ. والقطوف جمع قطف، وهو ما يحثي بسرعة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٢٦
ويقال لهم :﴿كُلُوا واشربوا هنيئاً﴾ أي : أكلاً وشُرباً هنيئاً، لا مكروه فيهما ولا أذىً، أو : هنئتم هنيئاً ﴿بما أسلفتم﴾ أي : بمقابلة ما قدّمتم من الأعمال الصالحة، ﴿في الأيام الخاليةِ﴾ أي : الماضية في الدنيا، وعن مجاهد : أيام الصيام، وقال ابن عباس : هي في الصائمين، أي : كلوا واشربوا بدل ما أمسكتم عن الأكل والشرب لوجه الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon