إذا أطارته الريح، ﴿ولا يَسألُ حميمٌ حميماً﴾ أي : لا يسأل قريب عن قريبه لاشتغاله بنفسه، ومَن قرأ بضم الياء فمعناه : لا يُسأل عنه، بل كلّ واحد يُسألُ عن نفسه، فلا يُطالب أحد بذنب أحد.
١٣٥
﴿يُبَصَّرُونَهم﴾ أي : يبصر الأحماءُ قرباءهم، فلا يخفون عنهم، وما يمنعهم من السؤال إلا اشتغالهم بحال أنفسهم. والجملة صفة لحميم، أي : حميماً مبصَّرين، أو : استئناف بياني، كأنه قيل : لعله لا يبصّر به، فقيل : يبصّرونهم ولكن لتشاغلهم لم يتمكنوا من التساؤل عنهم، وإنما جمع الضميران، وهما للحميمين لعموم الحميم، ولأن فعيلاً يقع على الجمع. ﴿يَودُّ المجرمُ﴾ أي : يتمنى الكافر، وقيل : كل مذنب، ﴿لو يفتدي من عذابِ يومئذٍ﴾ أي : العذاب الذي ابتلي به يومئذ. وقرأ نافع والكسائي بفتح الميم على البناء لإضافته إلى غير متمكّن، ﴿ببنيهِ وصاحبتهِ﴾ أي : زوجته ﴿وأخيه﴾، والجملة استئنافية، لبيان أنَّ اشتغال كل واحد منهم بنفسه بلغ إلى حيث يتمنى أن يفتدى بأقرب الناس إليه، و " لو " تمنية، أو مصدرية، أي : يود فداء ببنيه.. الخ ﴿وفَصِيلَتِه﴾ أي : عشيرته الأدنين، التي انفصل عنها، ﴿التي تُؤويه﴾ أي : تضمه في النسب، أو عند الشدائد، ﴿ومَن في الأرض جميعاً﴾ من الخلائقن يتمنى الافتداء بهم، ﴿ثم يُنجيه﴾ الافتداء، وهو عطف على " يفتدي " أي : يود لوم يفتدي ثم لو ينجيه الافتداء، و " ثم " لاستبعاد الإنجاء، يعني : يتمنى لو كان هؤلاء جميعاً تحت يده، وبذلهم في فداء نفسه، ثم ينجيه ذلك، وهيهات.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٣٣


الصفحة التالية
Icon