سورة الجن
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٥١
قلت : قد أجمعوا على فتح ( أنه) ؛ لأنه نائب فاعل " أوحى "، و ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُواْ﴾ [الجن : ١٦] و ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ﴾ [الجن : ١٨] للعطف على ﴿أنه استمع﴾ فـ " أن " مخففة، و ﴿أَن قَدْ أَبْلَغُواْ﴾ [الجن : ٢٨] لتعدّي " يعلم " إليها، وكسر ما بعد فاء الجزاء، وبعد القول، نحو :﴿فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ﴾ [الجن : ٢٣] و ﴿قالوا إنّا سمعنا﴾ ؛ لأنه مبتدأ محكي بعد القول. واختلفوا في فتح الهمزة وكسرها من ﴿أنه تعالى جَدٌ ربنا﴾ إلى :﴿وأنَّا منا المسلمون﴾، ففتحها الشامي والكوفيّ [غير] أبي بكر ؛ عطفاً على ﴿أنه استمع﴾، أو على محلّ الجار والمجرور في ﴿آمنا به﴾ تقديره : صدّقناه وصدّقنا أنه تعالى جدّ ربنا ﴿وأنه كان يقول سفيهنا...﴾ إلى آخره، وكسرها غيرُهم عطفاً على ﴿إنّا سمعنا﴾، وهم يقفون على آخر الآيات.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿قل﴾ يا محمد لأمتك :﴿أُوحي إِليَّ أنه استمع﴾ أي : الأمر والشأن استمع للقرأن ﴿نفر من الجن﴾، وهم جن نصيبين، كما تقدّم في
١٥٢
الأحقاف، وكانوا متمسكين باليهودية. والنفر ما بين الثلاثة والعشرة. والجن عاقلة خفية، يغلب عليهم الناري والهوائية، وقيل : روح من الأرواح المجرّدة. وفيه دلالة على أنه ﷺ لم يشعر بهم وباستماعهم، ولم يقرأ عليهم، وإنما اتفق حضورهم في بعض أوقات قراءته، فسمعوها، فأخبره الله تعالى بذلك، فهذه غير الحكاية التي حضر معهم، ودعاهم، وقرأ عليهم سورة الرحمن، كما في حديث ابن مسعود. ﴿فقالوا﴾ أي : المستمِعون حين رجعوا إلى قومهم :﴿إِنَّا سمعنا قرآناً﴾ ؛ كتاباً ﴿عجباً﴾ ؛ بديعاً، مبايناً لكلام الناس في حُسن النظم ورقّة المعنى. والعجب : ما يكون خارجاً عن العادة، وهو مصدر وصف به للمبالغة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٥٢